تبدأ اليوم سلسلة تشكيل مكاتب الجهات، والجماعات ومجالس العمالات والاقليم، كتسلسل منطقي لما بعد انتخابات 4 شتنبر.
وإذا كانت مقتضيات الصراع السياسي والتنافس الانتخابي تعطي بعض الحجية للتسابق المحموم، والتباري من أجل اكتساب الأغلبيات المريحة لتسيير الجماعات أو الجهات، فإن المتتبع الرصين والموضوعي، لا يمكن أن يغفل مع ذلك المؤشرات التالية:
1- صعوبة الاطمئنان إلى الاتفاقيات السياسية التي تعقد بين الفرقاء في التراب الوطني برمته، مما يعطي ثابتا جديدا في المسألة السياسية مفاده أن السياسيين غير مضمونين أخلاقيا، وهو شرخ يتسع بين الأخلاق والسياسة سيرخي بظلاله القاتمة، بشكل أكثر، على الاستحقاقات القادمة، ويزيد من العجز في الثقة بين المواطن والمجتمع السياسي، كما يزيد من هذا العجز بين الفاعلين السياسيين أنفسهم.
2- الانتشار الكبير لمنسوب الأموال المستعملة والرائجة، والتي تغذي خطاب الارتشاء لدى الناخبين الكبار، وتزيد من تشويش المشهد لدى المواطن وصانعي الرأي العام من هيئات وضمائر حية وفاعلين إعلاميين ومكونات مدنية أخرى.
ومن المؤسف حقا أن الارتباط بين المال والسياسة يتعدى الارتباط بين الأداة والغاية النبيلة الى علاقة وطيدة سمتها الفساد.
ومن المثير حقا أنه كلما ازداد الفساد،ارتفع ثمن الفاسدين، في معادلة تجعلنا نفكر جديا في «اقتصاد الفساد».لابد من ضرورة القضاء عليه لا قيام اقتصاديات خاصة به في مجالات الاقتراع والسيادة الشعبية.
3- ضعف التأطير السياسي للتصويت ، وهو يدفع الى التفكير مجددا في علاقة التصويت بالانتماء السياسي الحزبي للمصوتين الكبار. وهي قضية مستعجلة لا يمكن تركها للمنافع والأهواء الفردية وللحسابات بما فيها الحسابات البنكية!
هناك اليوم جدوى من طرح العلاقة السببية بين الاستعمال المفرط للمال وترك الحبل على الغارب في قضية التصويت وصعوبة التأطير السياسي لتصويت الناخبين الكبار في الجماعات والأقاليم والعمالات والجهات.
إننا، بالمحصلة، أمام معضلة حقيقية تجمع بين استشراء الفساد المالي، وعجز الثقة وصعوبة التأطير السياسي، وهي عناوين كبرى لعطب متفاقم لا يمكن أن تخرج منه الديمقراطية سليمة.
- عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
- الاثنين 14 شتنبر 2015