هناك بعض التحاليل تحاول أن تبرر الدعم، الذي يحظى به حزب العدالة والتنمية من طرف جهات نافذة في المغرب،كونه يساهم في ضمان الاستقرار في الشارع المغربي، وأن الانتخابات الجماعية والجهوية، الأخيرة، تؤكد هذه الفرضية، لأن نسبة المشاركة، التي وصلت إلى 53 بالمئة، تعتبر مؤشرا على نجاح “الديمقراطية المغربية”.
نظرية ضمان الاستقرار، هي الحصان الذي ركبه الأمين العام لهذا الحزب، عبد الإله بنكيران، متبجحا بأنه هو الذي أوقف جماح “الربيع العربي”، في المغرب. غير أن قراءة تاريخية للأحداث، تؤكد عكس ذلك. إذ لم يكن هناك أصلا “ربيع عربي” في المغرب، كما كان الشأن في تونس ومصر، بل كانت هناك مظاهرات سلمية، شارك فيها عدد من القُوى، تحت يافطة 20 فبراير، كان من أهم مطالبها، تغيير نمط الحكم من ملكية دستورية الى ملكية برلمانية، و إلغاء الدستور الحالي الممنوح، و استقالة الحكومة الحالية، و حل مجلسي النواب و المستشارين، وغيرها من المطالب الديمقراطية.
وجاء الخطاب الملكي، ليوم 9 مارس 2011، ليستجيب جزئيا لهذه المطالب، وليس حزب العدالة والتنمية هو الذي خلق دينامية جديدة، بل كل القوى السياسية، التي انخرطت في عملية التغيير، انطلاقا من المساهمة، في تقديم الاقتراحات حول الدستور الجديد، وساهمت في البناء الديمقراطي والاستقرار.
بالإضافة إلى هذا المعطى، فإن قوة هذا الحزب، محدودة، إذ لا تتجاوز 1.500.000 ناخب، في الوقت الذي يمثل فيه عدد المسجلين، 14،5 مليون ناخب، علما بأن عدد الذين يحق لهم التصويت يتجاوز 22 مليون نسمة. معنى هذه الأرقام، أن حزب العدالة والتنمية لا يمثل سوى قوة جزئية جدا، و لا يمكنه الإدعاء أنه يتحكم في الشارع، و يصنع ويضمن الاستقرار.
من يقوم بالدعاية لهذه النظرية يبيع الوهم، لأن الحقيقة، توجد في مكان آخر، وهي أن الذي يضمن الاستقرار هو تنفيذ ماجاء في الدستور من مكتسبات ديمقراطية، و التوزيع العادل للثروة، والعمل من أجل تقليص الفوارق الطبقية، ومحاربة مظاهر الفساد، بالفعل وليس بالقول، وتحقيق كرامة العاملين وصيانة مكتسباتهم واحترام الحق النقابي، وتوفير مناصب الشغل للمعطلين، وخاصة الشباب، وإدماج الفئات المهمشة، وحماية القدرة الشرائية للمواطنين، والالتزام بحقوق الإنسان والحقوق النقابية…
غير هذا، سيظل الاستقرار مهددا، و لن يوقف الهزات الاجتماعية أي حزب، ولو باعت بعض الجهات وَهمَ حزب العدالة والتنمية.
*عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الاربعاء 9 شتنبر 2015