كنت حائرا بين فكرتين:هل سأكتب مجددا عن المال والانتخابات، أم سأكتب عن إيريك لوران و كاترين غراسيي، الصحافين اللذين حاولا ابتزاز ملك ورئيس دولة ذات سيادة وذات تاريخ؟
ثم لسبب ما في جيمناستيك الفكرة، دفع بالحيرة إلى تركيب القصتين:ما الذي يجمع بين تجار الانتخابات الفاسدين وإيريك لوران أو بيننا وبينه يا ترى؟
بدأت التمرين كالتالي: يقف عبد الرحمان اليوسفي، أمام مكتب التصويت أنيقا وشهما ليعطي درسا في الالتزام الديموقراطي.يقف، ولم يتعب (بعد؟) من الانتخابات.
لكن صورته، كما تقدمها الصحافة وهو في مكتب التصويت، تسلط الضوء أكثر على الآخرين، أولائك الذين يدفعوننا إلى أن نتعب من الديموقراطية بسبب الأموال القذرة.
رجل أنيق يتنفس الالتزام في هواء نصفه فاسد!
ليجيبنا بأن الأمل ممكن!
فقد أجابني عن ما سبق من تفكير، إذ فكرت، في عز الحملة الانتخابية متسائلا:هل يمكن أن نتقبل ديموقراطية من أناس فاسدين، أناس يدفعون الأموال الوسخة من أجل أن »ينقذوا« الديموقراطية من البوار، الذي نسميه عادة العزوف الانتخابي؟.
ليس للسؤال حظ من الجواب، لأن المنطق يفترض أن نقول كلا حتى قبل أن نطرح السؤال.. حتى من قبل أن نواجه المعضلة.
أحيانا نكتفي بالجواب بعيدا عن السؤال، كأن نقول: المهم أن السلطة لا تتدخل في مجريات التصويت كما كان الأمر من قبل. وهو رد لا يخلو من مكر:
أن تسأل لماذا الشمس مدورة، وتجيب أنها تشرق من الشرق وتغرب غربا، ليس هو الذكاء المطلوب في القضية.
إن الديموقراطية ستقبل الحياة التي يهبها له من تكرههم أو وجدت لكي .. لا يوجدوا.
هل الديموقراطية مثل شخص في غيبوبة لا يدري ما حوله أم أنها شريك في الجريمة؟
والذين يصوتون على أصحاب المال وينتخبون اللصوص والمفسدين والمشبوهين، هل هم ضحايا أو شركاء في تكوين عصابة لنهب الديموقراطية بالمال القذر؟
هناك ابتزاز يمارسه أصحاب الأموال القذرة، الذين لا نلومهم إن هم رفعوا سقف الإنفاق …أو رفعوا من نوعية الاستقطاب بناء على الوسائل الباهضة والثرية، ولكن نخافهم عندما يصبحون هم السبب الوحيد لرفع المشاركة: والابتزاز هو كالتالي: إذا لم تتركونا نفعل ما نريد سنبقى مكتوفي الأيدي، وستكون نسبة المشاركة ضعيفة!!
ولسبب ما في التفكير، أفضي بي التسلسل المنطقي إلى أن أجد سببا آخر لكي لا احتار بينهم وبين إيريك لوران، والسيدة كاترين غراسيي.
فنحن نكاد نكون في وضعهم، حاشا لله !
هذا السيد المتناقض البليد في دفاعه، حاول أن يبتز ملكا كتب عنه كتابا قذرا، يصفه فيه بالافتراس، بناء على السلطة والجاه.
وهو يريد حصته من الأموال التي قال إن الملك قد اكتسبها بطرق غير مشروعة. إنه يعطي الدروس في مهاجمة الملك، الذي يطلب منه المال من بعد؟
أي كيف يمكن أن تطلب المال من رجل تصفه بالنعوت الدنيئة؟
كيف تقبل المال، حتى ولو »وصفته« بالمرض وبالضعف البشري، إذا كنت تنوي إقامة دولة الحق والقانون في المغرب بعد تخليصه من الرجل الذي تطلب منه الأموال.. الطائرة!
وهو كان ينوي تخليصنا من الاستبداد بقبض … الفدية.
هل يمكن أن نطمئن إلى رجل يريد أن يعلمنا حقيقة نظامنا بقبض المال، ضدا على الأخلاق المهنية، رجل يبيع صمته مقابل 2 مليون يورو وينصف نفسه بمرض زوجته؟
الرجل ، في دفاعه الأخير عن «الإغراء«، طبع تطبيعا رهيبا مع الرشوة والاتبزاز، عندما قال بأن من الطبيعي أن أتراجع عن كتابة الكتاب أو تأليفه، لأن ذلك يجعل الابتزاز طبيعيا والمال مقابل الصمت معادلة عادية.
هو أيضا يبيع الوهم لنفسه وقرائه «مقابل دريهمات»، كما قال جلالة الملك في خطابه التحذيري للمواطنين من نوعية المرشحين الذين يتهافتون علينا،.. مدعين أنهم يحبون الديموقراطية!
هو أيضا يجعل من المال القذر والمستخلص بطرق قذرة مسألة عادية في الوسط الإعلامي،.. مثل الذين حذرنا منهم الملك في خطابه…
أخمن إنه لو كان مرشحا لوزع الأموال …لشراء المصوتين الديموقراطيين!!

*عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

    السبت 5 شتنبر 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…