ستعرف بلادنا إجراء انتخابات عامة جماعية وجهوية خلال شتنبر المقبل، وهي الأولى من نوعها في ظل دستور سنة 2011 الذي شكل منعطفا جديدا في مسلسل بناء الدولة المغربية الحديثة. وستكون هذه الاستحقاقات محطة حاسمة لتعزيز الديمقراطية التشاركية، وهي أحد أعمدة بناء مؤسسات قوية ذات مصداقية وتمثيلية فعلية. ولا يغيب عنا جميعا الدور الهام الذي تلعبه الجماعات المحلية في خلق الثروة والشغل وإنعاش الاستثمار وإشعاع وتطوير الهوية الثقافية المحلية. وأمام التحديات المطروحة عليها اليوم على عدد من المستويات، وخصوصا المساهمة في التنمية الشاملة للبلاد، أصبحت الجماعات مطالبة بتعبئة أكبر لكل الطاقات البشرية من نساء ورجال وشباب التي تشكل رأسمالها الحقيقي، ولكل الموارد المحلية المتاحة لبلوغ هذا الهدف الاستراتيجي.
لم يعد بإمكاننا أن نبقى في موقع المتفرج بخصوص التحولات المتسارعة التي تعرفها بلادنا، والتي يشكل تدبير الشأن المحلي والجهوي جزءا منها، ولا يمكننا الاكتفاء بموقع المنتقد السلبي ولا يمكننا ترك تدبير الشأن المحلي لكل من هب ودب وأصحاب المصالح الضيقة والمفسدين بكل أشكالهم وألوانهم، الذين أوصلوا الأوضاع لما هي عليه اليوم وقطعوا الطريق أمام كل الإرادات الحسنة. إننا أمام محطة تاريخية حاسمة لا مجال فيها لتكرار الفشل، وأمام مسؤولية جسيمة ستحدد معالم مغرب الغد وستكون لها آثار مباشرة وغير مباشرة علينا جميعا وعلى أبنائنا ،وعلى كل الأجيال القادمة التي تتوق لمغرب بدون فقر، مغرب بدون مناطق مهمشة، مغرب بدون فوارق اجتماعية، مغرب التشغيل للجميع ومغرب الرفاهية للجميع، مغرب يستفيد منه كل الأفراد وكل المناطق من خيرات النمو بشكل عادل.
إن حزبنا، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ناضل دائما ويناضل على كل المستويات والواجهات لبناء دولة المؤسسات، دولة الحق والقانون، دولة يحس فيها كل منا بمواطنته الكاملة وأنه نافع وله مكان يليق به داخل الوطن. لقد ساهم حزبنا في كل الاستحقاقات الجماعية السابقة، وكان له الفضل في تطوير عدد من الجماعات التي مازالت إنجازاته بها تشكل مرجعا ونماذج يحتذى بها، وكانت له مواجهات ليس فقط مع المشاكل والتحديات المرتبطة بتنمية الجماعات، بل ومع مختلف الخصوم الذين كان همهم الأول والأخير هو إبطاء مسلسل الإصلاحات وتحقيق الكسب الفردي، وإذكاء ثقافة الفساد.
مشاركتنا في الاستحقاقات الجماعية والجهوية لشهر شتنبر واجب وطني ونضالي من أجل الوصول لتدبير فعال لجماعاتنا وجهاتنا، وتصحيح مسارها من كل الاختلالات، وجعلها أولا وأخيرا في خدمة المواطن والتنمية. حزبنا يقدم اليوم لهذه المعركة أفضل مناضلاته ومناضليه الذين مارسوا السياسة بكل صدق، والذين لهم حرص حقيقي على المصالح العامة للمواطنين.
بتصويتكم على برنامجنا وعلى مرشحي حزبنا، ستساهمون بكل تأكيد في خلق جماعات محلية فعالة، ستكون في خدمتكم أولا وأخيرا.
الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس يناقض أفكاره الخاصة عندما يتعلق الأمر بأحداث غزة * آصف بيات
(*) المقال منقول عن : مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية ألقى أحد الفلاسفة الأكثر…