من المفترض أن يعتبر الخطاب الملكي، بمناسبة الذكرى الثانية والستين لثورة الملك والشعب، توجيها، له دلالته الرمزية الكبيرة، بخصوص الممارسة الديمقراطية، ونظافة ونزاهة الاستحقاقات. كما يمكن اعتبار ما جاء في هذا الخطاب، تفاعلا إيجابيا مع ما أثير من طرف بعض الأحزاب الديمقراطية والمنابر الإعلامية، حول الفساد الذي أزكمت رائحته الأنوف، خلال الصيرورة الانتخابية الجارية الآن.
لذلك فالرأي العام سيظل متطلعا لمعرفة الإجراءات الاستعجالية التي ستتخذها الحكومة من أجل الضرب على يد المفسدين، الذين استهدفهم الخطاب الملكي، والذين حولوا العملية الانتخابية إلى بورصة مفتوحة، قبل انطلاقها، وذلك بشراء المرشحين، حيث ينام الناس ويستيقظون على أخبار الانتقالات من لائحة لأخرى، مقابل مبالغ مالية كبيرة.
بل أكثر من ذلك فهناك مرشحون بدأوا في توزيع الأموال، قبل بداية الحملة، عبر سماسرة يشتغلون لصالحهم. ومن المؤكد أن هذه العملية ستتضاعف، لتصل إلى أقصى مداها مع اقتراب يوم الاقتراع. وهي ممارسات لم تعد خافية على أحد، فكيف تختفي عن الأجهزة الأمنية؟
لا يمكن للأجهزة الأمنية أن تتحرك إذا لم تتخذ الحكومة قرارا لمحاربة الرشوة الانتخابية، وإذا لم تفتح النيابة العامة تحقيقا في ما يحصل. هذا ما يمكنه أن يعطي للتوجيه الملكي، تفعيلا في أرض الواقع، وإلا فإن المواطن، سيظل تائها بين توجيهات ملكية واضحة، وتقاعس حكومي مفضوح.
صحيح أن الخطاب الملكي توجه للمواطن من أجل حثه على صيانة صوته، غير أنه لا يمكن أن ننتظر من المواطن وحده مواجهة هذه الآفة، لأن النصائح الأخلاقية وحدها غير كافية في مقاومة إغراء المال، إذا لم تصاحب بعمليات ردع ضد الذين استعدوا لهذه الانتخابات بأموال طائلة، بدأت بالفضائح التي حصلت في انتخابات الغرف المهنية.
الكرة الآن في ملعب الحكومة، وسنرى كيف ستتفاعل مع الخطاب الملكي، وإذا لم تضع حدا لعملية شراء الذمم، فإنها ستكون مشاركة في الجريمة، وسيحكم الرأي العام الداخلي والخارجي، على أن الانتخابات الجماعية والجهوية في المغرب كانت مغشوشة وفاقدة للمصداقية.
- عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
- الاثنين 24 غشت 2015