مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 1 ماي 2013
يقول تعالى ..” ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم باللتي هي احسن ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين “ سورةالنحل 125
انها قاعدة وامر وتوجيه الهي عظيم وحضاري يمتد عبر كل الازمنة والحقب حتى قيام الساعة ويستوعب اقصى درجات الرقي الفكري والتلاقح والتكامل بين الناس بغض النظر عن العقيدة والمعتقد ومستويات الاختلاف او التطابق في الفهم والمنهجية …
ان ربط الاية الكريمة للدعوة بالحكمة وبالموعظة الحسنة امر لاغموض فيه يرسي ويبـني اليات التواصل والتشاور والحوار والتبليغ ليس الاسلام فقط بل كل ما يحقق فائدة للناس كافة ومنهم المسلمين في مجالات العلوم الشرعية والانسانية والعلوم التطبيقية و….ولهذا يربط الحق سبحانه وتعالى الايمان بالاسلام بالاقتناع والاقناع وليس بالتقليد السطحي او بالاكراه حيث قال تعالى ……..” لااكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي .….”
فلماذا يتشددالبعض على نفسه وعلى غيره ويغلو في الدين وينصب نفسه ” حاكما ” قناصا يترصد الناس ويتربص بهم في كل زاوية وخلف كل جدار لينهال على من يريد منهم بما يختاره من قاموس التكفير او التحريض او التجريح..؟؟مما يعـتـبر في ديننا وحتى في نظر المتنورين والحكماء بالعالم اساءة للانسانية ومساسا بالطمانينة والسكينة وترويعا خطيرا للاسر والشعوب والدول …ان هؤلاء يجعلون كل من يخالفنا العقيدة والمعتقد او يخالفهم الفهم والتوجه من خارج حدودنا خاصة يتوجسون منا خيفة لانه قد يكون لمثل تلك الاتهامات امتداد بكل بقاع العالم قد تعتبر في نظر من يقتدي بالمصرحين صيــحة يجوز تعميمها بكل اوجه القياس الفاسد على الاخرين واوامر يجب تنفيذها ولو ترتب عليها قتل الناس واتلاف ممتللكاتهم وترويعهم واستباحة اموالهم واعراضهم …هذه الوضعية لاتخدم الا المتطرفين من المسيحيين والصهيونية العالمية الذين يريدون ان يزرعوا في اذهان الدول والمجتمعات الغربية بان المسلمين متخلفون وارهابيون وتكفيرون يامرون بالقتل والتقتيل على الهوية والفكرة ويبيحون بل يفتون بالقتل الفردي والجماعي ويدعون الى الارهاب ويحتضنونه وينظرون له ويمولونه …فيخدم هؤلاء سياسات هؤلاء دون وعي منهم او ادراك ؟؟والحال ان ديننا بعيد كل البعد عما يسعى اليه كل التكفيريين … انه دين المحبة والسلام والتاخي بين المسلمين ومع كل الشعوب…ولقد قال تعالى في محكم كتابه “ فذكر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر” سورة الغاشية الايتين 21 و22 وقال تعالى ” فانما عليك البلاغ وعلينا الحساب ” الرعد ..وقال تعالى ” ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ” البقرة
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهؤلاء وامثالهم” لاتشددوا على انفسكم فيشدد عليكم فان قوما شددوا على انفسهم فشدد الله عليهم ” رواه ابو داوود وصححه الالباني
وقال كذلك ” هلك المتنطعون ..هلك المتنطعون ..هلك المتنطعون ” اي المغالون المجاوزون الحدود في اقوالهم وافعالهم
ان خطب اثارة العواطف والتحريض عبر التاريخ والى يومنا هذا كانت السبب في قتل الخوارج لامير المؤمنين علي رضي الله عنه في شهر رمضان ولقد انبرى احد الخطباء متحدثا بابيات شعرية غريـبة اكثر من غرابة الفعل الاجرامي ..فتاملوا ماقاله عمران بن حصان وهو من اهل السنة والجماعة كما صنفه الكتبة في اغتيال سيدنا علي كرم الله وجهه ..
((يا ضربة من تقي ما اراد بها …….الا يبلغ من ذي العرش رضوانا
اني لاذكره حيــــنا فاحسبه……….اوفى البرية عند الله ميزانا ))
فاي غلو هذا واي فهم للدين عند امثال هؤلاء وهم امام خيرة الرجال ومن عثرة النبي صلى الله عليه وسلم
فلماذا لا يقتدي البعض بخيرة العلماء والدعاة الذين ملاوا التاريخ رقيا وسماحة ونضجا وعقلانية شرعية وعلما وابداعا واجتهادا خلاقا … ولنا في تاريخنا الاسلامي منابر نورانية رسم معالمها علماء كبار منهم الامام مالك رضي الله عنه الذي قال في موضوع هذه المقالة ..(( لو احتمل المرء الكفر من تسعة وتسعين وجها . واحتمل الايمان من وجه لحملته على الايمان تحسيـنا للظن بالمسلم))
وقال الامام احمد رضي الله عنه لعلماء وقضاة الجهمية (( انا لو قلت قولكم لكفرت . ولكني لا اكفركم لانكم عندي جهال ))