يعيش المغرب طيلة الشهر الحالي على وقع الانتخابات الجماعية و الجهوية المزمع إجراؤها يوم 2015-09-04. ستجرى هذه الانتخابات في منعطف تاريخي خطير ذلك أن البلد يتلقى تهديدات و مخططات من طرف عدد من التنظيمات الإرهابية لنسفها و قتل بعض رجالات الدولة و رموز أحزاب سياسية لزعزعة الأمن و الاستقرار , كما هو الشأن بالنسبة لما وقع في بعض الدول العربية الإسلامية كالعراق و اليمن و غيرها….. تأتي هذه الانتخابات في ظل دستور جديد يتضمن المنهجية الديمقراطية التي نادى بها الاتحاد الاشتراكي سنة 2002 كتقليد في انتظار التنصيص عليها في الدستور, ليكون الحزب الذي يتصدر المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية هو الذي يتولى رئاسة الحكومة لتطبيق برنامجه لكن الا أن هذا المطلب لم يستجب له إلا في سنة 2011. و كان من سوء حظ المغاربة أن تصدر حزب العدالة و التنمية المرتبة الأولى بفوزه بالأغلبية الساحقة من الأصوات لم يسبق لها مثيل , فبرئاسته للحكومة نهج سياسات خطيرة تضرب في العمق كل المكتسبات التي راكمها المغرب على جميع المستويات عنوانها عودة رموز الفساد عبر وسائلهم المعروفة , و اتضح بالملموس النوايا الحقيقية لخصوم الديمقراطية و الإصلاح و التغيير , و هذا الوضع الجديد من شأنه المساس بالمصلحة العليا للوطن و عرقلة نموه و رقيه و كانت النتيجة هو اليأس في صفوف أبناء الشعب المغربي خاصة في صفوف الشباب العاطل ذوي الشهادات العليا و غلاء المعيشة و تنامي ظاهرة الإجرام و الرشوة و الفساد إلا أن المناعة التي مازال المغرب يتوفر عليها بفضل يقظة القوى الحية للبلاد و مواجهة النهج السياسي المتبع و معه جر الشعب المغلوب على أمره بقيادة عاهله الذي جاء خطابه الأخير بمناسبة عيد العرش واضحا و متميزا لإثارة الانتباه إلى ما تتسم به وضعية البلد من سلبيات في مختلف المجالات تستوجب العمل على تجاوزها.
إلا أن ما يلاحظ أنه رغم ما ذكر فان عناصر الإفساد و رموز الأزمة يتهيئون للعودة إلى مواقعهم بنفس الأسباب و يبدو ذلك بنتائج الانتخابات المتعلقة بالغرف فلا يجب على الأحزاب التي تفتخر و تبدي ارتياحها على نسبة الأصوات المحصل عليها و تعتقد أنها جاءت عن جدارة و استحقاق و توهم الشعب بأنها آلت إليها باختيار حر و نزيه بل العكس فهي تكشف عن نواياها الحقيقية عن الأساليب التي ستستعملها في الانتخابات الجماعية و الجهوية فان كانت تلك الأحزاب تتوهم على أن ذلك مؤشر لتحظى بنفس الأصوات للفوز بنفس الأساليب هو خير لها بل هو شر على مصلحة البلاد , و عليها أن لا ننسى مادا سيكون رد فعل الحزب الإسلامي الحاكم حين عدم فوزه و يتبوأ المكانة التي يسعا إلى احتلالها في المشهد السياسي المقبل بعد الانتخابات.
لذا وجبت الحيطة و الحذر عما سيبدونه من مخططات مستقبلية لمواجهة سياسة الحكومة التي ستفرزها صناديق الاقتراع يوم 2015-09-04 . و أعتقد أن نزاهة الانتخابات تعني جميع المغاربة كل من موقعه فالداخلية مسؤولة عن محاربة استعمال المال بشكل جدي و إيقاف الفاسدين و سماسرة الذين يسعون منذ أيام لشراء الأصوات , فالمخابرات تعرف ذلك و القضاء سيحمل المسؤولية .
أما العبء الأكبر من المسؤولبة يرجع الى الشعب وهو سلطة القرار في اختيار ممثليهم فعليهم أن يأخدوا العبرة و يستحضر المصلحة العليا للبلاد, فمن تغيب عن محطة الانتخابات فقد خل بواجبه الوطني و مصلحة أبناءه فلا يقبل منه أن يتغيب عن التسجيل في اللوائح الانتخابية و يدلي بصوته و هو حر في اختياره, فإعطاء الصوت لمن لم يكن مؤهلا لها فهو شريك في تكريس التخلف و أن منحه للفاسد فقد ساهم في الفساد. و إن قاطع عملية التصويت فقد خان واجبه الوطني و فتح المجال للفساد, فكفى من العزوف عن المشاركة في العملية بشكل إيجابي و كفى من النقد السلبي في المقاهي خاصة من طرف الذين يتحدثون عن السياسة دون ممارستها و الحال أن هؤلاء لا تجد أسماؤهم في لوائح التسجيل , فمن تبنى هذه الثقافة و هي السائدة خاصة في أوساط الذين نالوا حظا من التعليم فهم الذين فسحوا المجال لتقوية المفسدين و شرائهم لأصوات الفقراء , أما الشباب فهو المعني الأساسي بالمشاركة بكثافة في العملية لأن الأمر يتعلق بمستقبلهم فهم رجال الغد و ما يعانونه من اليأس و الإحباط كانت نتيجة السياسات المتبعة منذ سنين و هي سياسة لا ديمقراطية لا سيما أنه قل ما نجد في أسرة شاب الا و يتوفر على مستوى من الدراسة فعليه أن ينخرط في العمل السياسي الهادف و يتعبأ مع المرشحين الأكفاء و النزهاء , و غياب الشباب عن هذه المحطة و التعامل معها سلبيا سيكون من ضحايا المستقبل لان مصلحة الشعب و الوطن تقضي أن يتحمل الجميع مسؤوليته كل من موقعه و لم يقبل ما أخد أي عذر أو مبرر أما بالنسبة للاتحاد الاشتراكي فقد أخطأ من يعتقد أنه انهار في الإقليم سواء من الحرس القديم ممن كان ينتسب للاتحاد أو الوافدين الجدد إليه الذين تخلو عن مسؤولياتهم الأولية فان التخلص منهم فسيسترجع مكانته بالإقليم بالتدريج إن شاء الله بحوله و قوته.

‫شاهد أيضًا‬

الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس يناقض أفكاره الخاصة عندما يتعلق الأمر بأحداث غزة * آصف بيات

(*) المقال منقول عن : مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية ألقى أحد الفلاسفة الأكثر…