1-الخطر القادم
تحمل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كامل المسؤولية الوطنية، وهو ينبه الى ما يتهدد المسار الديموقراطي في البلاد. ووجه إلى الرأي العام وإلى كل من يهمه الأمر رسالة واضحة وصريحة بخصوص القراءة التي يجب القيام بها لنتائج الانتخابات الخاصة بالغرف المهنية.
وهي قراءة لا تقف عند التحليل السمج للأرقام، بل تتعداها إلى تمحيص الشروط التي تمت فيها هذه الانتخابات، الشروط السياسية والتقنية والإدارية والحزبية والمؤسساتية.
وكان خطاب الاتحاد واضحا عندما سجل للتاريخ وللأجيال القادمة أنه» على غير ما تدعي الحكومة، من حرصها على الأخلاق السياسية والمنافسة الشريفة، فقد وقف الاتحاد على استغلال بشع للنفوذ والسلطة واستعمال الوسائل اللوجستيكية للدولة واستعمال غير قانوني لقاعدة معطيات شركات الاتصال». وهي ممارسة تنهي الخطاب التطميني والاستعلائي الذي ركبته الحكومة في شخص رئيسها عندما تباهت بنهاية التحكم والتوجيه والسلطوية المقيتة في التنافس السياسي الانتخابي، المبني أخلاقيا أو المفروض فيه ذلك، على الحرية وبند الضمير. و لذا كانت النتيجة التي لا بد منها، والحقيقة التي لابد من الجهر بها، هي أن هناك ما يدعو الى القلق، وهناك ما يدفع الاتحاد الاشتراكي. باعتباره مدرسة الوضوح والمسؤولية الى مصارحة الرأي العام الوطني بما يراه حقيقة ساطعة ومآلا يبعث على القلق. وسجل بالواضح مجموع الخروقات التي شابت الاقتراع المهني، وشوهت العملية، وكان لا بد من أن يعيد دق ناقوس الخطر بشأن مآل مسارنا الديمقراطي، عموما، والتفعيل السليم للدستور الجديد، والبناء الصلب لمؤسساتنا المحلية والجهوية«.
وهو موقف لا يمليه عليه رد الفعل إزاء استهدافه كتنظيم أو كقوة حية، بل يتعداه الى ما هو أعمق، أي استباق ما يتهدد البلاد عبر مؤسسات هشة وغير ذات تمثيلية يتحكم فيها المال والسلوكات المشينة..وتزيد من ضبابية المشهد بما اعتراها من نواقص.
إن ما يزكي مواقف الاتحاد هو السلوك الحكومي ، بكل مكونات أغلبيته من حيث الشطط في استعمال النفوذ وتعميم الامتثال والتطمين الواهم، كما ورد في بيان اللجنة المركزية للانتخابات، والتي سبق للاتحاد أن أشار إلى محدودية قدرتها السياسية ومنسوبها الأخلاقي، باعتبار التكوين الذي يضم الحزب الخصم في هذه المنافسات وفي غيرها.
إن الخطر الذي يتهدد المؤسسات هو عدم الثقة فيها بما ينعكس على استقرار البلاد، وعلى نموذجه الذي اجتهدت القوى الحية وعلى رأسها الاتحاد على بلورته وتنزيله على أرض الواقع بنكران ذات ومسؤولية.
إن الاتحاد يدرك، ومعه الرأي العام الوطني ، أنه حيثما نابت الأموال عن السياسة والالتزام والحيوية الفكرية، انفتح الباب على مصراعيه لتفشي الشك والحيطة والنزوع العدمي لدى أوساط كبيرة من المواطنين، الذين لم يعودوا يجدون في الالتزام الانتخابي عمق التزامهم السياسي. وهو بحد ذاته عنصر قلق وخطر لا يمكن أن يسكت عنه الاتحاد.
* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الاربعاء 12 غشت 2015