من الطبيعي أن يهتم الرأي العام، وأساسا المتتبعون للمجال السياسي، في المغرب، بحفل الإستقبال الملكي، في كل المناسبات والتظاهرات الوطنية، وخاصة بمناسبة عيد العرش، نظرا لما يحمله من رمزية ورسائل.
فمثل هذه الإستقبالات، تنظم بأناة ودقة، في إطار رؤية سياسية واضحة، وتهدف إلى توجيه رسائل للرأي العام الداخلي والخارجي. ويمكن أن نسجل أنه في السنوات الأخيرة، لم تعد تقتصر هذه الإستقبالات، والتوشيحات التي ترافقها، على الشخصيات الرسمية، المدنية والعسكرية، أو على ممثلي بعض الهيآت أو الفئات، بل امتدت إلى مختلف فئات المجتمع ورموزه و شخصياته.
ويمكن قياس مدى التأثير الإيجابي والقوي، لهذا التوجه، من خلال ردود الفعل في الصحافة وفي الشبكات الإجتماعية، حيث يتأكد أن هناك تجاوبا كبيرا مع رمزية اختيار تكريم مثقفين وسياسيين ومقاومين وصحافيين وفنانين وكتاب وتلاميذ متفوقين ومبتكرين وخبراء…
وبذلك يمكن القول، إن هذا التوجه أخذ يعطي لهذه المناسبات أبعادا مجتمعية أكثرمن السابق، من خلال تكريم الكفاءة و المصداقية والإجتهاد والتفوق والوفاء للذاكرة.. وهي رسائل تهدف إلى الإحتفاء بهذه القيم، وتشجيع تطورها داخل المجتمع، واعتبارها نبراسا ينبغي الإقتداء به.
إن الرسائل التي تحملها مثل هذه التظاهرات، تخاطب المجتمع أساسا، من خلال الرموز التي يتم الإحتفاء بها، لتبرز أن الدولة، وفي شخص أسمى ممثل لها، تحث على تكريس القيم النبيلة والصادقة والكفاءات المبدعة، كاختيار مجتمعي.
ولذلك تكتسي هذه الرمزية بعدين اثنين، الأول على صعيد المجتمع، حيث يمكن إعتبارها انتصارا واضحا ضد سيادة قيم فاسدة مثل الانتهازية والإتكالية والمحسوبية والإنغلاق الثقافي والكسل الفكري… والثاني، على صعيد السياسات العمومية، التي يمكنها أن تلتقط هذه الرسائل لتطوير برامجها، في اتجاه تكريس القيم الإيجابية وبذل مجهودات أكبر لجعلها في سلم الأولويات.
هذه في اعتقادنا، هي الرسالة القوية والرئيسية، التي حملتها مناسبة الذكرى السادسة عشرة لعيد العرش، بغض النظر، عن بعض التفاصيل الصغيرة، التي اهتم بها بعض المتتبعين، غير أنه لايمكن للمرء إلا أن يشعر بالإعتزاز والافتخار وهو يشاهد الاحتفاء برموز وطنية ومجتمعية تستحق كل التكريم، نظرا لما قدمته وتقدمه لوطنها، من عطاءات واجتهادات في مجالات فعلها.
*عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الثلاثاء 4 غشت 2015