معلوم ان اللحظات الإنتخابية هي في المغرب ، لحد الساعة لحظات سوسيو_سياسية ..تختلط فيها القبيلة، بالجاه و النفوذ، بالمصالح المتقاطعة، بالمال، ….ثم بالسياسة.
و هي، أي الإنتخابات، في الدول الديقراطية ..لحظة سياسية بامتياز. ..تتنافس و تتبارى خلالها المشاريع و البرامج و الأفكار و المقترحات و الالتزامات. ..ثم الأشخاص..و بطبيعة الحال فالتنافس هذا يمتح من المرجعيات و المشاريع الأم للمرشحين. .أي الأحزاب السياسية.
و بالعودة للانتخابات، في صيغتها المغربية، فنحن لا زلنا نعيش زمن اللاسياسة و اللامعنى سياسي. .مع استمرار و تعاظم ظاهرة اللامنتمين، الذين يتقدمون كأفراد أو مجموعات لمختلف الاستحقاقات الانتخابية، و يدبجون “برامج”،و يقدمون “وعود و التزامات “..دون ان يدلوا ناخبيهم على سندهم المرجعي (الحزب )،أو أفقهم البعدي (التحالفات )،أو حتى عنوانهم و هويتهم..
هذه الكائنات المنتسبة بلغة الحالة المدنية إلى صنف (x ابن x )..هي في الحقيقة مجهولة المصدر و الأفق و الهوية و العنوان و المرجع. ..(بالمعاني السياسية لهذه الاوصاف و لاشيئ آخر )..و لا يمكن ان ننفي عنها مواطنتها،و لا عن بعضها صدق النية و السريرة .. و مع ذلك ،لسنا ندري لم يستمر الترخيص لها بالترشح و ملإ الدنيا ضجيجا و زعيقا. …و هو سلوك سياسي لادستوري من قبل الدولة.
ذلك لأن الدستور المغربي يحدد بوضوح تام في الفصل 7 أن الأحزاب السياسية هي التي. . “” تعمل على تأطير المواطنين و المواطنات، و تكوينهم السياسي، و تعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية،و في تدبير الشأن العام، و تساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، و المشاركة في ممارسة السلطة. …””…هيئات أخرى أوكل لها الدستور مهام مشابهة ،دون طابع سياسي صرف، كالمنظمات النقابية للاجراء، و الغرف المهنية، و المنظمات المهنية للمشغلين (الفصل 8)..و جمعيات المجتمع المدني و المنظمات غير الحكومية (الفصل 12)..
نحن إذن لا نعثر في دستورنا /قانوننا الأسمى ، لا تصريحا و لا تلميحا، على ما يفيد أن لامنتميا أو جماعة لامنتمين، بإمكانهم أن يعوضوا ما سبق سرده، من منظمات و هيئات التأطير و التكوين و التمثيل. و الأكثر من هذا. .أننا نعتبر أن أحد أمراض حياتنا السياسية هو البلقنة المفرطة. .و كأن كل إشكالية مغربية يمكن أن نجد لها 30 حلا أو أكثر..و كأن الفكر السياسي البشري تمكن من إبداع أكثر من 30 مشروعا مجتمعيا؟؟!!
نحن على دراية بالهشاشة الديمقراطية التي تعانيها أحزابنا. ..و على وعي بضعف منسوب التنخيب لديها، و ضمور جاذبيتها. .و لكن، و من باب رفع التحدي ::رجاء دلونا على تجربة ديمقراطية ناجحة لم تكن الأحزاب السياسية مبتدأها و خبرها؟ ؟
و نحن نتابع التزامات بعض اللامنتمين..المرشحين للغرف المهنية ،وقفنا على بعض النكت المضحكة /المبكية. .إذ كيف يعقل أن يلتزم شخص / وكيل لائحة بأن يخفض الضرائب عن المهنيين، و يحقق لهم كل ما يصبون إليه اجتماعيا و اقتصاديا و مهنيا. …وهو مجرد فرد/أحد، لا حزب وراءه، و لا فريق برلماني له، و لا وزراء يسندونه؟ ؟
خارج منطق التحكم القبلي، و التوجيه البعدي، و التخوفات اللامفهومة .. الموروثة عما قبل المفهوم الجديد للسلطة ..نحن نعتقد بأن ما يحدث فيه الكثير من الإساءة لديمقراطيتنا الناشئة. .و فيه انزياح عن منطوق و منطق الكثير من الخطب الملكية السامية التي طالما أعطت للأحزاب السياسية و أدوارها مكانتها المستحقة. .
و لكن، و مع كامل الأسف. .لا حياة لمن تنادي…