أقرت الحكومة في تدخلات أعضائها في الآونة الأخيرة بفشل مخططها التشريعي . المخطط الذي ولد بصعوبة في بداية ولاية تشكيلة بنكيران الأولى بعد تماطل وتهرب ومراوغات أمام المؤسسة التشريعية . اليوم ونحن على أبواب السنة الأخيرة من ولاية حكومة يقودها ويهيمن عليها حزب العدالة والتنمية، لازال أكثر من نصف ما تم الوعد به لم ينجز، بل العديد منه لم يتبلور في مشاريع قانونية ولم يدرج بجدول أعمال المجلسين الحكومي والوزاري .
ولفشل المخطط التشريعي أوجه عدة، نذكر منها بالأساس :
أن الحكومة أخلفت موعدا دستوريا مركزيا، وأجهضت أحد مقوماته، ويتعلق الأمر ب»الديمقراطية التشاركية « . ف»الحوارات» التي أجرتها هي حوارات مغشوشة، إقصائية، غير تمثلية همشت الكفاءات . « حوارات « صرف عليها من المال العام الملايير، وكانت مجرد جعجعة بلا طحين نوعي . وحتى طحين هذه الحوارات لم يتم الأخذ به . إذ جاءت الحكومة بنصوص ليست هي خلاصات حوارات هيئة المناصفة وتقديم العرائض والملتمسات التشريعية ومجلس الشباب والعمل الجمعوي…. نصوص الحكومة رديئة في هندستها ومضامينها، ولازالت تائهة في دواليب الوزارات المعنية .
هناك «جرجرة» لمشاريع قوانين بعضها قضى ثلاث سنوات دون أن يكتب له إدراجه في مجلس الحكومة . وحتى ما تم تداوله بهذا المجلس شكلت له لجان لإعادة النظر فيه دون أن نسمع خبرا حول ما آلت إليه أشغال هذه اللجن. مشروع مناهضة العنف ضد النساء وهيئة المناصفة ومناهضة التمييز …. ومشروع قانون الحق في الوصول إلى المعلومة الذي كانت أول مسودة له في نهاية 2012 ولم يصل إلى البرلمان إلا قبل شهر . وتخبط الحكومة في إعداد النصوص نتج عنه تعدد الصيغ إلى درجة لم نعد نعرف أي صيغة معتمدة يجب مناقشتها والاستناد إليها .
ما يميز منتوج الحكومة هو رداءته قانونيا ولغويا . ركاكة ومصطلحات في غير محلها وتعابير فضفاضة تنم عن أن « خبراء» الوزارات المعتمدين ليسوا بالكفاءة التي تنتج مشاريع منسجمة تتوفر فيها الجودة المطلوبة. وآخر نص يمكن الإشارة إليه هو ما صادقت عليه الحكومة قبل ثلاثة أسابيع وأسمته بمشروع قانون « مكافحة الاضطرابات العقلية». وحتى مسودة القانون الجنائي التي يتم تداولها، اعتبرها القانونيون والمحامون والقضاة …. مسودة رديئة في الصياغة وفي المضمون.
إن فشل المخطط التشريعي يفضح غياب استراتيجية للحكومة ويعري على تخبطها وعشوائية عملها . ويضاف هذا الفشل إلى فشل أعمق، ويتعلق الأمر بالبرنامج الحكومي الذي بني على توافقات هشة وخيارات متناقضة . والقطاعات جميعها تشهد على ذلك . بل إن والي بنك المغرب في تقريره الأخير الذي قدمه أمام جلالة الملك، أبرز أن هناك فشلا ذريعا في تحقيق العديد من الأهداف . وأن ما أعلنت عنه الحكومة في نسختيها الأولى والثانية تبخر وانهار بفعل سياسات تنتهجها الحكومة ووزاراتها في الاقتصاد والمالية والمجال الاجتماعي والشباب والمرأة … ويعزز تقرير بنك المغرب التقارير الموضوعاتية التي تصدرها المندوبية السامية للتخطيط.
فقد قدم رئيس الحكومة أوهاما عدة للمغاربة ووعدهم بأرقام ونتائج.. وأثث خطاباته بتعابير وردية . لكن هاهو فشل مخططيه الحكومي والتشريعي يفضح ادعاءاته . وهاهو المغرب اليوم راكم ديونا خارجية وداخلية ووسع من دوائر الفقر والبطالة ورفع من الأسعار، أسعار المواد الرئيسية التي أثقلت كاهل المواطن وضربت في الصميم قدرته الشرائية . هاهو مغرب حكومة بنكيران وحزبه الأغلبي يوجد اليوم على شفا سكتة قلبية جديدة.
* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الثلاثاء 28 يوليوز 2015