صار الخبر الأمني مادة أساسية من المعيش اليومي للمغاربة، وجزءا حاضرا بقوة في الحصيلة اليومية للفاعلين السياسيين والمتتبعين والمهتمين.
ودخلت الحياة الخاصة لجهاز الأمن الوطني، الى الجدول العملي للمغاربة، حيث أن الأضواء دخلت الى دهاليز القرار الأمني، وأصبحت قرارات التأديب والمتابعة والعقاب والمكافأة، قرارات ذات صيت في الفضاء العمومي تتناقلها وسائل الاعلام، وتتداولها وسائط التواصل الاجتماعي.
وهو ما يحسب للإدارة الجديدة، ويقوي من صدى جديتها، وتعاملها الذكي والناضج مع المواطنين المغاربة، الذين يشعرون أن حياة جهاز الأمن الداخلية ليست داخلية مغلقة، بل إن الاطلاع عليها هو تفعيل جيد لمبدأ الحق في الوصول إلى المعلومة.
وما من شك أن الخطوات والقرارات والإجراءات التي تهدف الى الرفع من أداء الأمن وتعزيز صورته، وتكريس صدقيتها ومكانتها في الوسط المغربي، هي خطوات مطلوبة، وأصبحت ضرورية وتكشف عن التقدير الجديد لإدارة مرفق الأمن الوطني.
ولعلها المرة الأولى التي تحظى فيها الحياة الخاصة لجهاز من أجهزة الدولة بهذا القدر من الاهتمام والمتابعة منذ إرساء المفهوم الجديد للسلطة، والثورة التي أحدثها خطاب الملك بالدار البيضاء في بداية العهد الجديد، والذي وضع الحجر الأساس لهذا المفهوم.
ويتزامن هذا الحرص على تقوية النسيج العملي للأمن، مع ارتفاع التهديدات التي تستهدف الأمن الوطني والاستقرار وتزايد مكامن الخلل في تدبير الفضاء العمومي. وليس سرا أن هذا الهدف، من بين أهداف أخرى كان حاضرا في التأهيل الحالي لجهاز الأمن، بعد أن ثبت أن الاجهزة الأخرى، ذات الطابع السري والاستراتيجي، احتلت مكانة مرموقة أشادت بها أجهزة الدول الكبرى في قضية من أصعب القضايا التي تواجه العالم ، وهي قضية الإرهاب.
ولم يعد مستساغا أن يسير الأمن بسرعتين، واضح الفرق بينهما وضوحا معيبا.
ولعل المطلب الذي رفعه الاتحاد، مع ارتفاع التهديدات وتزايد الزحف الارهابي، من الشرق ومن الجنوب، حول إعلان إنشاء المجلس الأعلى للأمن، ينطلق من الزاوية نفسها والفلسفة نفسها الخاصة بالتأهيل المؤسساتي للقرار الأمني. والاتحاد يعي ويدرك جسامة القضية المطروحة على أجهزتنا الأمنية، وهو إذ يحيي المجهودات التي يقوم بها القائمون عليها، فهو يشير في الوقت ذاته الى ضرورة
الإسراع بالمجلس الأمني لتكتمل أركان التأهيل العالي لأمننا الوطني.. ويدرك أن الحاجة الى الأمن اليوم ، وتجويد أدائه حاجة مجتمعية تلتقي عندها كل مطالب المغاربة بكل شرائحهم، كما يقتضيها الواجب وقوة الدولة المغربية. لمواجهة الجريمة والجريمة المنظمة والانزلاقات التي تسعى الى تقويض قوة الدولة ومدى تدخل جهازها الأمني في الضبط المشروع للفضاء العمومي،..
وما من شك أن الأحداث الأخيرة، كشفت الحاجة إلى جهاز أمني قوي، بفلسفة واضحة لا غبار عليها بخصوص احتكاره للمشروعية الأمنية وحفظ النظام، بعيدا عن «شرطة الآداب الإيديولوجية وضد التسيب الوظيفي أو الإفلات من العقاب..
* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الاربعاء 22 يوليوز 2015