نلاحظ في الأيام الأخيرة من يزيد الطين بلة بإشاعة أو الدفع الى تأجيل تلك الانتخابات أكثر ماهي عليه في تلك المراسيم. كنا نود أن لا ندخل في هذا النقاش السياسي إن لم نقل السياسوي. ولقد سبق أن قلنا إنه من حق الفاعلين السياسيين أن يقترحوا الظرف المناسب لإجراء الانتخابات. ولهذا سجلنا أننا لا رأي لنا قانونيا وعلميا في تحديد تلك التواريخ إلا ما يتطلبه الأمر من قانون تنظيمي لتمديد مدة انتداب كل من أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات ومجالس العمالات والأقاليم.
تذكير وتنبيه
مدى مشروعية تحديد مجالس الجماعات والمقاطعات القائمة حاليا، وبالتالي مدى شرعية القرارات المتخذة من قبلها من 12 يونيه إلى 4 شتنبر 2015
لقد صادق مجلس الحكومة في اجتماعه ليوم 26 فبراير 2015 على أربعة مراسيم تتعلق بتحديد مختلف التواريخ الخاصة بانتخابات كل من مجالس الجماعات والمقاطعات، ومجالس العمالات والأقاليم، ومجالس الجهات، وانتخاب أعضاء مجلس المستشارين، ولقد تم نشر هذه المراسيم في الجريدة الرسمية عدد 6341 بتاريخ 9 مارس 2015 في الصفحات من 1544 إلى 1547«.
ولقد قمنا بتحليل مفصل لمضامين هذه المراسيم في دراسة قانونية على هامش كل المضامين، واعترضنا على »شرعية« المادة الرابعة الواردة في كل من المراسيم الثلاثة الخاصة بانتخابات مختلف مجالس الجماعات الترابية الثلاث، لأننا لا نتوفر على نص تشريعي يمدد فترة الست سنوات، وبالخصوص لكل من مجالس الجماعات والمقاطعات التي انتهت يوم 12 يونيو 2015، لأن انتخابات أعضاء المجالس الجماعية التي مازالت قائمة حاليا تم انتخابها يوم 12 يونيو 2009 بمقتضى المرسوم رقم 2-08-738 بتاريخ 30 دجنبر 2008 (ج.ر عدد 5696 بتاريخ فاتح يونيو 2009) وبالتالي تعتبر أن طبيعة المادة الرابعة هي ذات طبيعة تشريعية وليست تنظيمية وبالتالي لا يمكن تمريرها في نص تنظيمي في شكل مرسوم، ونفس الشيء بالنسبة للمرسوم المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس العمالات والأقاليم. إلا أنه يجب الإشارة إلى أن انتخاب هؤلاء الأعضاء. وهم الآن أعضاء تلك المجالس القائمة حاليا في شهر يوليوز 2015 والذين سبق أن تم انتخابهم يوم الأربعاء 26 غشت 2009 بمقتضى المرسوم رقم 2-09-323 بتاريخ فاتح يونيو 2009 إذ سبق أن تم تأجيل هذا الانتخاب من فاتح يوليوز 2009 إلى 26 غشت 2009. وهكذا ستنتهي مدة الست سنوات التي ينص عليها القانون التنظيمي رقم 59-11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية بالنسبة لانتداب مخلتف أعضاء هذه المجالس تبعا للمادة (2) منه، يوم 26 غشت 2015.
ومع العلم أن المرسوم رقم 2-15-148 الصادر في 4 مارس 2015 حدد تاريخ انتخابات أعضاء مجالس العمالات والأقاليم يوم الخميس 24 شتنبر 2015، و هكذا نرى أن هناك غيابا للنص التشريعي الذي يسمح بهذا التمديد من يوم 26 غشت إلى 24 شتنبر 2015. لأن المادة (4) الواردة من المرسوم المذكور تدخل في المجال التنظيمي وليس في المجال التشريعي.
أما بالنسبة لمجالس الجهات القائمة حالياً في يوليوز 2015، فهي الأخرى يحدد المرسوم رقم 2/15/146 بتاريخ 04 مارس 2015، تاريخ انتخاب أعضائها يوم الجمعة 4 شتنبر 2015، ونذكر أن هذه المجالس سبق أن تم انتخابها يوم الجمعة 9 شتنبر 2009 تطبيقاً للمرسوم رقم 2/08/742 بتاريخ 2008 (ج. ر عدد 5696 بتاريخ فاتح يناير 2009).
وتبعاً لذلك، فنجد أن استمرار أعضاء مجالس الجهات القائمة حالياً هي التي لم يقع أي تمديد لمدة الست السنوات المقررة لها في القانون التنظيمي رقم 59/11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
هكذا مع غياب النص التشريعي الذي يحدد انتداب أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات من يوم 12 يونيو 2015 إلى يوم 4 شتنبر 2015، نعتبر أنه في غياب ذلك، تطرح مشكلة مشروعية المجالس الجماعية القائمة حالياً منذ 12 يونيه 2015، وبالتالي تطرح مشكلة أخرى مرتبطة بالأولى، وهي مدى الشرعية القانونية للقرارات التي اتخذتها وتتخذها منذ ذلك التاريخ إلى ليلة 4 شتنبر 2015.
وستطرح نفس المشكلتان بالنسبة لمجالس العمالات والأقاليم، ابتداء من يوم 26 غشت 2015 إلى ليلة انتخاب أعضائها يوم الخميس 23 شتنبر 2015.
لقد نبهنا إلى هذه الإشكاليات في الدراسة التي قمنا بها ونشرناها في منتصف مارس 2015 بعد نشر تلك المراسيم. ولقد سبق أن استنتجنا أن ريح السياسة هزمت القانون، إذ تقرر سياسياً تأجيل الانتخابات الجماعية من شهر يونيو إلى 4 شتنبر 2015 في نفس اليوم التي ستجري فيه انتخابات مجالس الجهات. لكنه لم يقع مصاحبة هذا القرار السياسي بما يلزم من صدور نص تشريعي يحدد فترة انتداب أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات بقانون تنظيمي، لأن النص التشريعي الذي ينظم ذلك، كما أشرنا، هو المادة الثانية من القانون التنظيمي رقم 59/11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
لكنه مع ذلك، لابد أن نذكر أنه لو أن الانتخابات كانت داخل الست سنوات التي تنتدب فيها تلك المجالس، لكانت تلك المراسيم شرعية كلياً بما في ذلك المادة الرابعة من كل منها، مع تحفظ بشأن انتهاء الانتداب ليلة الانتخاب وليس يوم الانتخاب.
ومع هذا الواقع المرتبك. نلاحظ في الأيام الأخيرة من يزيد الطين بلة بإشاعة أو الدفع الى تأجيل تلك الانتخابات أكثر ماهي عليه في تلك المراسيم. كنا نود أن لا ندخل في هذا النقاش السياسي إن لم نقل السياسوي. ولقد سبق أن قلنا إنه من حق الفاعلين السياسيين أن يقترحوا الظرف المناسب لإجراء الانتخابات. ولهذا سجلنا أننا لا رأي لنا قانونيا وعلميا في تحديد تلك التواريخ إلا ما يتطلبه الأمر من قانون تنظيمي لتمديد مدة انتداب كل من أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات ومجالس العمالات والأقاليم.
إن تأجيل انتخابات اعضاء مجلس المستشارين الى ما بعد يوم الجمعة 2 أكتوبر 2015 تبعا للمرسوم رقم 2.15.149 الصادر في 4 مارس 2015، فأسمح بشيء بأن أقول إنه عبث في عبث، مع العلم لابد أن نستحضر الحكمة القائلة بأن أعمال العقلاء منزهة عن العبث، أليس فينا عاقل أو عاقلة. أليس منا رشيد أو رشيدة لإرجاع الأمور الى نصابها، والحفاظ على شرعية المنتخبين وشرعية قراراتهم ومشروعية المؤسسات المنتخبة فيها.
هل من المعقول أن يجتمع البرلمان يوم الجمعة الثانية من اكتوبر 2015 وثلثاه أنهوا مدة انتدابهم المحددة في دستور 1996 بتسع سنوات مع أن الدستور الجديد دستور 29 يوليوز 2011 حدد فترة انتداب مجلس المستشارين في ست سنوات (الفصل 63 ) ومع العلم أن نفس الفصل هذا حدد أعضاء هذا المجلس “من 90 عضوا على الاقل و 120 عضوا على الأكثر. فمتى سيتم تفعيل الدستور الجديد ؟
وأخيرا لابد من الإشارة الى أنه ماديا بالرغم من صدور المراسيم المحددة لتواريخ الاقتراع ونشرها بالجريدة الرسمية في الوقت الكافي منذ يوم 9 مارس 2015 مع العلم ان مجموعة من النصوص التنظيمية المرتبطة بهذه الانتخابات مازالت محل نقاش أو مطابقة للدستور أو المصادقة، مع العلم أن الاجراءات العملية الرسمية ستنطلق مع إيداع التصريحات بالترشيح يوم الاثنين 10غشت 2015 بالنسبة لكل من مجالس الجهات ومجالس الجماعات التي سيجري انتخاب أعضاء مجالسها في يوم واحد. يوم الجمعة 4 شتنبر 2015 والوقت لا يرحم.
12 يوليوز 2015