يعيش المغرب في الأشهر الأخيرة، على أخبار حوادث خطيرة، أخذ إيقاعها يتسارع، وتتمحور كلها حول محاصرة تتسم بالجبن من طرف الجمهور لضحاياه، والشروع في الاعتداء عليهم، إما بالعنف اللفظي أو الجسدي، والذي وصل إلى حد القتل بالرجم، لأحد الموطنين، في أحد أسواق بومية.
ومن المعلوم أنها ليست المرة الأولى التي تحصل فيها مثل هذه الاعتداءات، ولحد الآن اكتفت السلطات بالإعلان عن فتح تحقيق، كما عممت بلاغا حذرت فيه لجوء الناس إلى تعويض دور هذه السلطات في تطبيق القوانين. فهل هذا كاف؟
تؤكد الجريمة الهمجية التي ارتكبت في بومية أن هناك من لم يعر هذا البلاغ أي اهتمام، هذا إذا كان قد اطلع على مضمونه واستوعبه. فهل اعتقدت الحكومة أن إصدار بلاغ يذكر المواطنين بأن أي “فعل يحل محل العدالة أو قوات الأمن، يعد أمرا غير قانوني”، يعفيها من مهمة تحمل مسؤولياتها كاملة تجاه النزعات الغوغائية والهمجية، التي أخذت تطفو على السطح، وخاصة في الأسواق؟.
من حقنا أن نتهم الحكومة بالتقصير في مواجهة أحداث لم تبق معزولة أو عرضية، بل أصبحت آفة حقيقية، وكان عليها أن تتخذ كل الإجراءات الإدارية والقانونية، بالإضافة إلى كل المبادرات السياسية، واستعمال الصحافة والإعلام، والشبكات التقليدية التي تعتمدها السلطات، لشن حرب حقيقية على أفعال لا تشكل خرقا للقانون فقط، بل تهدد سلطة الدولة نفسها.
من الضروري أن نتساءل أيضا: لماذا كثرت مثل هذه الجرائم في الشهور الأخيرة؟ ما هي الدوافع الثقافية والاجتماعية التي جعلت هؤلاء المواطنين يعتقدون أنهم يمكن أن يقوموا مقام الدولة، و”يغيروا المنكر”، على طريقتهم، والتي وصلت إلى حد ارتكاب أفعال همجية؟
هل عرف المغرب تحولا ثقافيا يبرر مثل هذه الأفعال؟ وكيف حصل ذلك؟ من الضروري أن تحلل الحكومة هذه الظواهر، وتتخذ الإجراءات اللازمة، لوضع حد لتكالب الجمهرة، مرة باسم “حماية الأخلاق” ومرة أخرى باسم “القصاص”…
ومن بين هذه الإجراءات، تكييف التهم بالنسبة للمتورطين، فالأمر لا يتعلق بأفعال إجرامية “عادية”، بل بأفعال تتخذ صفة التحريض على الكراهية والعنف والقتل في حالات التهجم على النساء بسبب اللباس أو الاعتداء على “مثلي” فاس، وبجرائم همجية، كما هو الحال في حادثة سوق بومية.
* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الاثنين 20 يوليوز 2015