توالت في الشهر الفضيل الذي ودعناه، أحداث عنيفة للغاية، تطرح على الدولة والمجتمع أسئلة فائقة الخطورة، ومتعددة الدلالة.
فقد تابع الرأي العام حوادث انزلاق، فاقت في معانيها كل ما سبق من انفلات أمني أو انزلاق شخصي ، مهما كانت درجة قسوته.
الأحداث التي نحن بصدد الحديث عنها، سواء في إنزكان أو ميدلت أو في فاس ، تمت كلها في مكان عمومي، حيث مفهوم الفضاء العمومي، هو المفترض فيه تأطير السلوك الجماعي والفردي، وحيث المراقبة والتأطير تكون من صميم مهام الدولة وأجهزتها الوطنية.
فهي أحداث وقعت في مجال، هو حصريا من مجال القانون، الذي تحتكره الدولة، ولا يمكن لأي جماعة أو شخص أن يتولاه ، وإلا انفتح باب الغاب، واستولى اللاقانون على الفضاء العمومي، وأصبحت الانفعالات هي الحكم وهي القضاء وهي جهاز تنفيذ الأحكام.
ومن النقط المستفزة، هذا النزوع نحو تغليب التجييش على المنطق القانوني، مما يقودنا إلى درجة الصفر في دولة القانون، ويجعل اللاقانون غالبا في معالجة كل ما له علاقة بالروابط الاجتماعية أو السلوكات الفردية، المنحرفة منها أو القابلة للتأويل.
والاحداث التي نحن بصددها هي أحداث وقعت زمنيا في توقيت معروف بارتفاع المنسوب الروحي فيه، وغلبة الوازع الديني في تصرف المواطنين والمواطنات ، وهو ما يصيب المبادئ الحنيفة بتلويث مرفوض، سببه التصرف مكان الجهات المخول لها التصرف، وخوض معركة تطبيق القانون بالوكالة من منطلق ديني، لم يخول أحد للقائمين به هذه الصفة أو الشرعية، لا الدينية ولا القانونية ولا الفقهية، فبالأحرى «إقامة الحدود»، بالقتل العمد والترصد والصراخ الغرائزي المقيت.
هذه الانزلاقات القاتلة لا يبدو أنها تأتي بمحض الصدفة، فهي تستهدف كل «الذين تأتي منهم ومنهن الفواحش»، فعندما نتابع التمثيل بذوي الحاجات الخاصة أو المرأة أو الخارجين عن القانون المتعارف عليه، هناك ناظم بينها هو قانون النيابة عن الشرع وإقامة الحد بالقمع.
وهو الذي يبيح لكل من هب ودب أن يقيمه وهو ما يهدد الدولة ويهدد بنيانها ، ويطرح الأسئلة الحارقة حول ما يحاك ضد المغرب والمغاربة.
الدولة مطالبة بالمزيد من الحذر ومن القوة في ترصد الانشطة الاجرامية التي يتم تبييضها عبر التقوى المزيفة أو الورع القاتل، ولا يمكن أن تمر هذه السلوكات مر الكرام، مع ما تعرفه المناطق المجاورة والدعوات المسترسلة الى الاحكام الخاصة، من مناخ مساعد وشيوع تحببه الفضائيات والدعوات الباطنية التي تخترق المجتمعات في زمن الحروب الطائفية والعقائد المزيفة.

* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

    الاثنين 20 يوليوز 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…