لا يخفى على كل المتتبعين للأوضاع في منطقتنا، الأهمية الخاصة التي تحظى بها قضية الصحراء المغربية، ليس فقط بين أطراف النزاع، ولكن أيضا على الصعيد الدولي، لذلك فإن الدفاع عن وجهة نظر المغرب، يحتاج إلى العمل على كل الواجهات، ومن أهمها الديبلوماسية الحزبية، التي يمكن اعتبارها إحدى أهم وسائل مواجهة القوى التي تشتغل على ملف تقسيم وتجزئة التراب المغربي.
تأتي إثارة هذا الموضوع في سياق التفاعلات الإعلامية التي أثارها تقرير بعثة الأممية الاشتراكية حول الصحراء، والذي فشل من خلاله انفصاليو البوليزاريو في تمرير أطروحتهم، لكن الذي يهم أكثر هو معرفة الظروف والطريقة التي تم نهجها من أجل إعداد التقرير.
وهذا ما يستدعي قراءته بتأن كبير، على موقع الأممية الاشتراكية، نظرا لأهمية المقاربة، والتفاصيل التي يأتي بها من قبيل اللقاءات التي تمت في الرباط، خاصة مع قيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عضو الأممية، أو مع رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليزمي، وكذا مع رئيس مجلس المستشارين، في البرلمان، الشيخ بيد الله، والذي يشير التقرير إلى انتمائه السابق للبوليزلريو.
أما بالنسبة لزيارة العيون، فإن التقرير يتحدث بتفصيل عن اللقاءات مع المدافعين عن الأطروحة المغربية، وعن خصومها، الذين أتيحت لهم فرصة اللقاء بالبعثة بكل حرية.
خلاصات التقرير هامة جدا، وتشكل تحولا نوعيا في رؤية المنظمات الدولية لهذا النزاع، والذي كان باستمرار ضحية دعاية خصوم المغرب. هذه المرة، يوصي التقرير بضرورة الاستمرار في البحث عن حل سياسي لهذه القضية، منتقدا منهجية التمترس خلف موقف لا يتغير، عملا بأسلوب “الكل أو لاشيء”، ومعتبرا أن على أطراف النزاع البحث في تعديل الموقف، أخذا بعين الاعتبار، في إطار الواقعية، وجهة نظر الطرف الآخر.
وليس هناك أبلغ من هذه الخلاصة، للتأكيد على تحول جذري في موقف أكبر منظمة تضم أحزابا اشتراكية، من كل قارات العالم، في قضية كانت العبارات الكلاسيكية حول تقرير المصير والاستقلال، هي التي تتصدر المحافل الدولية.
التقرير جاء لصالح المغرب في الكثير من مواقفه وخلاصاته، وهو ثمرة مجهود طويل، في إطار مجموعة مصغرة من بلدان البحر المتوسط، من بين أعضائها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي رغم محاولات التعتيم على دوره الكبير ونشر أكاذيب حول طريقة انتخاب كاتبه الأول نائبا لرئيس الأممية، إلا أن التضليل لا يغير الواقع.
* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي