أي إصلاح للمراكز الاستشفائية المغربية، في مرحلة تتميز بالإعداد لدخول اللوبيات المالية إلى قطاع الصحة وغموض الموقف الحكومي إزاءه؟
السؤال الذي يطرحه الأطباء الشرفاء والناس وعموم المرضى في البلاد، ليس أولوية في الاقتراح الحكومي والتدبير الذي اختارته رئاسة لجنة القطاعات المكلفة بدراسة الموضوع، والتي لم تتحرك كثيرا في وجه لوبيات الدواء أو مراكز الخبرات في وقت الدفاع عن الدواء للمرضى..
فمن المنتظر أن تجتمع لجنة القطاعات الاجتماعية في مجلس النواب، برئاسة عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية، السيدة فاطنة الكحيل، للنظر في وضع التعديلات بخصوص مشروع قانون رقم 70.13 المتعلق بالمراكز الاستشفائية الجامعية.
وحسب ما توصلت إليه جريدة “الاتحاد الاشتراكي” من مصادر متطابقة، فقد كان مقررا أن تستمع اللجنة إلى أحد الأساتذة الدكاترة، البروفيسور عبد السلام الخمليشي، حول مشروع القانون، ليقدم خبرته حول الموضوع.
وكان البروفيسور الخمليشي قد نشر كتابا – قنبلة حول المراكز الاستشفائية الجامعية، بمشاركة أربعة أساتذة آخرين، كلهم يشتغلون في الطب العمومي، ولم يغادروه إلى القطاع الخاص.
وقالت مصادرنا إن نقاش الأغلبية، في لقاء تمهيدي قبل اللجنة كان دون مستوى ما يقتضيه الموضوع، الذي يستأثر باهتمام كبير.
وقد وصل الأمر إلى أن «تفوه« نائب من الحزب الرئيسي في الأغلبية بكلام غير محترم في حق البروفيسور وزملائه، في محاولة إرضاء واضحة لوزير الأغلبية الوردي.
المشروع الذي جاءت به الحكومة، تفادى استشارة المعنيين والمؤسسين، (وأغلبهم على قيد الحياة) لمركز ابن سينا الاستشفائي، والحال أن القرار السياسي جاهز لفتح القطاع للخواص…
كما أن المشروع، في بنيته لا يتجاوز محاولة الملاءمة مع واقع أصبح مركزا للتنذر والتنكيت العام والخاص، ومضرب المثل في العجز الحكومي، مع توالي التنازلات في ميدان الصحة.
فما الذي أصبح بإمكان المراكز الاستشفائية أن تقوم به، في زمن يطغى عليه تصاعد المصحات الخاصة، مع ما تعرفه من توافد الأطباء من كل التخصصات ومن كل المراتب على التطبيب في وقت الدوام الكامل، كما هو معروف، لدى الأطباء؟
هذا السؤال، لا نتابعه في مشروع القانون، ولا نلمس الاهتمام به.. وحقيقة الأمر أن الممارسة أصبحت متداولة وكثيرة، بالرغم من كل القرارات للحد منها، ومصدرها أن مراكز الاستشفاء الجامعي هي التي تعطي الحق للأطباء والأساتذة الباحثين فيها حق الدوام الكامل» في المصحات الخاصة، بناء على قانون صادر في 1994.
بالرغم من أن الممارسين يرون أن إصلاح قانون الدوام التام هو معبر إجباري لكل إصلاح، فإن المشروع لم يتطرق إليه، بل تفاداه تفاديا واضحا.. وأصبح من الضروري أن يعالج الموضوع من داخل المراكز (لماذا لا يتم التفكير في مصحات خاصة داخل المراكز الاستشفائية، بمردودية مالية متحكم فيها، إن لم نقل بدون أهداف ربحية، وتجارية كما هو حال المصحات الخاصة؟).
وما الذي يتوقعه المشروع، في الوقت الذي تسمح المراكز التي بيدها القرار بدخول الرأسمال الخاص إلى مجال الطب؟
من المنتطر أن تظهر في المغرب مراكز الاستشفاء الجامعي الخصوصية، بعد إصدار القانون الذي يسمح للرأسمال الخاص بالاستثمار.. في المصحات والمستشفيات الخاصة؟
والجميع يعرف أن القوانين المؤطرة لظهور جامعات خاصة للتكوين الطبي في الرباط والدار البيضاء في طور الإنجاز، وبدون تحديد عددها..
ومن الغريب بأن بلاد المغرب تفوق بلاد الغرب في مجال التكوين الطبي..
ففي فرنسا هناك مدرسة واحدة في مدينة ليل لتدريس الطب، بالرغم من وجود مراكز استشفاء جامعية خصوصية كبيرة، في حين أن المغرب سيفتح الباب على مصراعيه .. وينزع من الدولة الاحتكار الوحيد الذي يجب أن ندافع عنه ونعض عليه بالنواجذ، أي احتكار التدريس الطبي..

* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

     الثلاثاء 14 يوليوز 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…