تطرح مسألة إعادة فتح باب التسجيل في اللوائح الانتخابية، إشكالية حادة أمام الممارسة الديمقراطية في المغرب، في كل أبعادها، حيث تؤكد المعطيات الحالية أن قرابة نصف المواطنين، الذين يحق لهم التصويت، غير مسجلين في هذه اللوائح.
كيف يمكن تصور تمثيلية جدية، في الجماعات، وفي البرلمان، إذا كانت المشاركة الانتخابية، مفتوحة أمام نسبة تتجاوز بالكاد، خمسين في المائة من الفئة العمرية التي بلغت السن القانونية للتصويت؟ فحسب الإحصائيات التي نتوفر عليها لحد الآن، هناك 43 في المائة من هؤلاء غير مسجلين، وتبين المعطيات أيضا، أن نسبة تحيين اللوائح الانتخابية، في تراجع واضح، مقارنة مع الاستحقاقات السابقة.
إذا أضفنا إلى هذا كله، أن نصف الكتلة الناخبة تقريبا، المسجلة في اللوائح، تمتنع عن التصويت، كما هو الحال في استحقاقات 2011، وزدنا عليها عدد الأصوات الملغاة، الذي هو أيضا في تصاعد مستمر، حيث وصل في هذه الاستحقاقات إلى أكثر من 1.300.000 بطاقة تصويت ملغاة، فهذا، بلا شك، يستدعي وقفة تأمل حقيقية، في العمليات الانتخابية، برمتها.
ينبغي أن نضع أيدينا على أسباب هذه الاختلالات البنيوية، التي تشوه تمثيلية وشرعية كل الفاعلين المنتخبين في كل الاستحقاقات، هل يتعلق الأمر بعطب في الهياكل الإدارية الموكول لها الإشراف على عملية التسجيل؟ هل تتوفر على الوسائل والأدوات الكافية للقيام بهذه المهمة، أم أن هناك تقاعسا في التعامل مع هذا الملف، بخلفيات معينة؟
غير أن السؤال الأكبر الذي يطرح نفسه باستمرار في كل الاستحقاقات التي تنظم في المغرب، هو: لماذا هناك انعدام لجاذبية المشاركة في الانتخابات، من طرف المواطنات والمواطنين؟
إذا نظرنا إلى خريطة المشاركة عبر العالم، فإننا سنجد أن نسب المشاركة تتفاوت من بلد لآخر، وأن البلدان المتقدمة في الديمقراطية، هي التي تحصل على نسب هامة من المشاركة، مما يمكننا من القول بأن هناك تلازما بين تطور الممارسة الديمقراطية وانخراط المواطنين في العمليات الانتخابية.
هناك أعطاب بنيوية في هذه العمليات بالمغرب، ولذلك ينبغي تشخيصها بكل نزاهة وموضوعية، والانكباب على معالجتها، حتى لا يظل أكثر من نصف الناخبين المفترضين، إما غير مسجلين أو ممتنعين عن التصويت أو يصوتون بأوراق ملغاة. ولا يمكن أن تكون هذه الأعطاب مجرد خلل تقني-إداري، بل هي تتجاوز ذلك إلى ما هو أعمق، يهم بالأساس، الصورة العامة للبنية التمثيلية في كل الهيئات المنتخبة، والتي لم تختلف جذريا عن العقود السابقة.

* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

     الاثنين 13 يوليوز 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…