عقد المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، اجتماعا يوم 30 يونيو 2015، تضمن جدول اعماله عدة قضايا سياسية وتنظيمية.
وبعد، عرض الكاتب الاول، ادريس لشكر، حول مختلف هذه القضايا، وبعد مناقشات مستفيضة من طرف أعضاء المكتب السياسي، مستحضرا على الخصوص الذكرى الرابعة لمصادقة المغاربة على الدستور الجديد، معتبرا أنه بقدر ما فتح دستور 2011، الآمال أمام الشعب المغربي، في بناء الدولة الديمقراطية الحديثة، بقدر ما خيبت الحكومة المنبثقة عن الانتخابات السابقة لاوانها، في نوفمبر 2011، هذه الآمال، وسجل المكتب السياسي عدة أوجه للاخفاقات التي حالت دون التفعيل الديمقراطي للدستور، والمتمثلة في المحاور التالية:

1/- التهميش التام للمؤسسة التشريعية، التي تعتبر مصدر شرعية الحكومة ورئاستها، سواء في التعامل الذي ينهجه رئيس الحكومة تجاه غرفتي البرلمان، او تجاه الفرق البرلمانية، أ, تجاه حقوق المعارضة.
ويعتبر هذا الاخفاق من أخطر مظاهر عدم التفعيل الديمقراطي الدستور، الذي ينص بوضوح على أن المغرب، يعتمد نظام ملكية دستورية ديمقراطية برلمانية واجتماعية..
2/- انطلاقا من هذا التأويل اللاديمقراطي لدور المؤسسة التشريعية، عمدت رئاسة الحكومة على تمييع الخطاب السياسي، بالنسبة لصلاحيتها الدستورية، للتهرب من واجب تطوير الممارسة المؤسساتية في اتجاه توازن السلط، وتكريس مؤسسة رئاسة الحكومة، بصلاحياتها السياسية كأهم مكسب من الدستور الجديد.
3/- التخلي التام عن كل المبادئ والآليات التي جاء بها الدستور الجديد، من أجل تعزيز دولة الحق والقانون، وإرساء مقومات الحكامة ومحاربة الفساء والمحسوبية والزبونية، وبناء سلطة قضائية مستقلة…
4/- الاجهاز على روح الديمقراطية التشاركية التي جاءت واضحة في الدستور ، والتي تهدف الى إشراك أكبر عدد من الهيآت السياسية والنقابية الحكومية، في الممارسة الديمقراطية والمساهمة الفعلية للمواطنين في التشريع وتقديم الاقتراحات، عبر العرائض…
5/- التراجع عن مبادئ حقوق الانسان وحرية التعبير وعن القيم الحضارية، متعددة الروافد، والمشارب، والاكتفاء بتأويل مختزل، ايديولوجي، لمفهوم الهوية.

ويهدد هذا التراجع كل المكتسبات التي حصلت في بلادنا، منذ عقود، والتي ناضلت من أجلها أجيال من المناضلين السياسيين النقابيين الحقوقيين، ومن الهيآت النسائية ومن منظمات المجتمع المدني، سواء في الشق المتعلق بالحريات او بحقوق المرأة والمساواة.
وتمثل واقعة متابعة فتاتي انزكان، والمقتضيات المتخلفة الواردة في مسودة القانون الجنائي وغيرها من تمظهرات التأويل الرجعي للقانون، خطرا على التوجه الحداثي المعلن في الدستور، يزكيه الصمت المطبق للعدالة أمام تناسل الخطاب التكفيري الداعي الى العنف.
وبالإضافة الى ما يمثله كل هذا من خطر تفشي التشدد الديني، الذي يتحول الى عنف، فإن سمعة بلادنا ومصالحها الحيوية اصبحت مهددة، بفعل هذه السياسة، التي تزكيها الحكومة، والتي تجعل صورة المغرب غير مختلفة عن البلدان التي تعاني من التمزق وسيادة التطرف و الارهاب.
كما تداول المكتب السياسي في الاستحقاقات المقبلة، مبديا قلقه الشديد من الضمانات التي يجب أن تتوفر في نزاهتها، مستحضرا ما حصل في انتخابات مندوبي الاجراء، من تزوير فاضح، كشفته النقابات الديمقراطية، التي وقفت على انتهاكات وخروقات فظيعة، قامت بها الحكومة لتغليب كفة نقابات معنية.
كما أدان المكتب السياسي السلوك اللااخلاقي الذي قام به رئيس الحكومة، في هذا الصدد، حيث استقبل أحد الاشخاص الذين لا صفة شرعية لهم، كممثل لاحدى المركزيات النقابية، ليلة انتخابات المأجورين، للتشكيك في مصداقية الجهة الشرعية، ويعتبر هذا التدخل غير مقبول في نزاهة العملية الانتخابية.

‫شاهد أيضًا‬

الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس يناقض أفكاره الخاصة عندما يتعلق الأمر بأحداث غزة * آصف بيات

(*) المقال منقول عن : مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية ألقى أحد الفلاسفة الأكثر…