ما أقدمت عليه الجزائر، باتهام المغرب، ملكا ودولة، بالضلوع في الأحداث الدامية التي عرفتها غرداية، وخلفت أزيد من 20 قتيلا ، موقف خطير للغاية ومؤشر على نوايا سياسية غير سليمة إزاء بلادنا.
وبعد أن اعتاد المغرب على »حروب الدولة بالوكالة«، تقوم بمهامها القذرة، صحافة الشارع السياسي في البلاد أو الوكالات والقنوات الرسمية، انتقلت الجارة الشرقية الى مستوى أعلى بإعطاء الإشارة الخضراء لشخصية مدير ديوان رئيس الدولة، وزعيم الحزب الذي يقود البلاد بالهجوم على المغرب وإطلاق الاتهامات على عواهنها.
ويهمنا هنا أن نشير إلى أن الذرائع التي ساقتها الشخصيات السياسية السامية في هرم الدولة، لا تقف عند الانفعال السيكو-سياسي الذي يطبع ردود القيادة العسكرية والسياسية الجزائرية، كلما واجهت وضعا صعبا مع شعبها، بل هو من صميم الإعداد النفسي للشعب الجزائري، على تقبل التدخل في شؤون المغرب، وعلى رأسها الشأن الترابي ووحدة الاراضي. وهو ربط لا يخلو من رسالة، نعتقد بأن خطورتها تتجاوز التنفيس السياسي والسيكولوجي المطلوب في حالات الأزمات.
وهو موقف يؤكد، من جهة ثانية، استمرار الجزائر في البحث عن »عدو خارجي« تلقي عليه مسؤولية كل الاحتقانات والتعثرات التي تعرفها الجارة الشرقية، في محيط إقليمي مشتعل ووضع داخلي مركب ، بدون أفق انتقالي. وهو ما يعطي لتصريحات المسؤولين في الدولة كامل الحمولة العدائية التي لا تحتاج الى فك ألغازها ومراميها.
والاتحاد الاشتراكي الذي آثر دوما سياسة الحوار، والدفاع عن المستقبل والشراكة من أجل الحفاظ على استقرار المنطقة، يحذر من مغبة هذا التوجه، الذي سيدخل البلاد في منعطف غير مسبوق ويهدد الدول والشعوب على حد سواء، وينبه الى أنه واهم من يعتقد أنه يملك القوة السياسية أو العسكرية أو البشرية لتوجيه دفة الفوضى أو تسديد العداء، واحتساب المردودية لفائدته، سواء كانت على المدى البعيد أو المدى القريب والمتوسط.
والمغرب، الحريص على تقوية التعاون، والعمل من أجل استقرار المنطقة، والحريص على وحدة المستقبل مع كافة بلدان المغرب الكبير، يدرك جيدا أن وحدة وسلامة وتقدم الجزائر ، من ثوابت موقفه إزاء الشعب الجزائري الذي اقتسم معه كل لحظات التاريخ الغنية والقوية، مع وعيه الحاد كذلك بأن حل التناقضات الداخلية، مهما كانت خطورتها، لن يتم بالسعي نحو تصديرها إلى دول الجوار، بل بتقوية النسيج الداخلي وفتح الطريق أمام الانتقالات السياسية والمؤسساتية والديموغرافية والثقافية التي تفرضها المرحلة، وكما تعارفت عليها الدول في العالم المتقدم اليوم.
ويذكر، إن نفعت الذكرى، أن مسيرة المغربية المتعددة الأبعاد، من أجل التنمية وتكريس الانحياز الديموقراطي واستكمال الوحدة الترابية، قد أعطت البلاد مناعة يشهد بها الخصم قبل العدو، وأن جبهة البلاد الداخلية هي الضامن لقوة الموقف وقوة التفاعل مع كل المستجدات، مهما كانت خطورتها.
* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الثلاثاء 14 يوليوز 2015