فتحت العدالة الفرنسية تحقيقا قضائيا في حادثة وقعت في إحدى المدن الصغيرة بكورسيكا، ضد بعض آباء التلاميذ، الذين رفضوا أن يغني أبناؤهم باللغة العربية، في حفل مدرسي، كان سينظم غدا، وكان مقررا أن تغنى أغنية جون لينون “Imagine”، باعتبارها ترمز للمحبة والسلام، باللغات الفرنسية والإسبانية والإنجليزية وأيضا بلغة الضاد.
وقد أضرب الأساتذة لمدة يومين، احتجاجا على سلوك هؤلاء الآباء، وتقدمت إدارة المدرسة وكذا عمدة المدينة بشكايتين ضد ما تم وصفه بالتمييز العنصري، كما عبرت وزيرة التربية الفرنسية، نجاة بلقاسم، عن تضامنها مع رجال التعليم بالمؤسسة التي تعرضت للتهديد.
وكيفما كانت التطورات التي ستعرفها هذه القضية، فإن المقارنة بين العدالة الفرنسية والعدالة المغربية، تفرض نفسها. ويهمنا هنا أن نقدم حالة الظلامي أبو النعيم، الذي أصابه إسهال تكفيري، يبدو أنه لن يتوقف، مادامت النيابة العامة تقف صامتة لحد الآن، أمام دعوات للكراهية وتحريض على القتل والإرهاب.
لم تتردد العدالة الفرنسية في فتح تحقيق قضائي، فقط لأن بعض الآباء رفضوا أن يغني أبناؤهم باللغة العربية، بينما يقوم أبو النعيم بحملة متواصلة، عبر تسجيلات في الفيديو، يتهم فيها قادة الاتحاد الاشتراكي بالكفر والإلحاد ومحاربة الإسلام، وغيرها من الشتائم التي يمكن لأي مواطن أن يراجع القوانين المغربية، حتى يعثر على أنها تستحق المتابعة والعقاب.
أكثر من ذلك، فإن المحكمة الابتدائية لعين السبع، سبق أن أدانت هذا الشخص، بتهمة تكفير الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، وشخصيات أخرى، مما يؤكد أن العدالة عثرت آنذاك في القوانين المغربية على مبررات المتابعة والإدانة، غير أنها في الحالات الجديدة، التي عاد فيها نفس الظلامي، عن سبق إصرار وترصد، لارتكاب الجريمة، لم تعثر على مبررات إعمال القانون.
بالإضافة إلى أن القانون واضح وصريح، هناك وازع أهم من كل هذا يسمى “الضمير”. فما هو الأخطر، حسب وجهة نظر الذين انتفضوا ضد فيلم “الزين اللي فيك”، وسهرة جينيفير لوبيز في القناة الثانية: هل ما اعتبروه مسا بالأخلاق، أم الدعوة للكراهية والتحريض على القتل والإرهاب؟
أين هي أخلاق وضمائر رئيس الحكومة والوزراء والبرلمانيين والمحامين وغيرهم من التنظيمات التي احتجت على الفيلم والسهرة، وتسكت الآن عن أخطر ما يهدد بلادنا، أي التطرف باسم الدين، الذي يشكل الأرضية المعنوية والأدبية والإيديولوجية التي تحرض الإرهابيين، الذين ليسوا سوى الأداة التنفيذية، لما يدعو إليه أبو النعيم وأمثاله.

* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

    الخميس 25 يونيو 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…