ظهرت في الآونة الأخيرة فكرة إنشاء قوة عسكرية عربية موحدة، جاء هذا على لسان الأمين العام للجامعة العربية كضرورة لتفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك.. الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي طرح هو الآخر مشروع قوة عربية موحدة، باعتبارها ضرورة نظراً لتفاقم الإرهاب والجريمة العابرة للحدود وعدم استقرار الوضع الاقليمي عربياً، مع تفكك مجموعة من الدول العربية في غياب بدائل سياسية بعد التفكيك، كحالة سوريا وليبيا.
الملاحظون يرون أن تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك يجد أمامه مجموعة من الصعوبات، هناك من يعتبر الإرهاب إشكالا داخليا يهم كل دولة عربية على حدة. النقاش حول تأسيس قوة عربية مشتركة اكتسب أهمية، لاسيما بعد عملية عاصفة الحزم، هناك أشكال متعددة للعمل العسكري المشترك الذي ينطلق من طبيعة العمليات الموكلة للقوات ميدانياً، فقد تكون مهامها هي حماية الحدود التي تهدد استقرار دولة ما. الهدف من إنشاء مثل هاته القوات هو السيطرة على الحدود ومنع الهجومات المحتملة، ثم التصدي إلى كل العمليات غير المشروعة مثل الاتجار في السلاح أو الجريمة المنظمة أو تهريب البشر والسلع، قد تكون كذلك قوات ذات طابع إقليمي محض مثل قوات درع الجزيرة التي أسسها مجلس التعاون الخليجي، والتي أثبتت فعاليتها سنة 2011، عندما تدخلت في البحرين، قد تكون كذلك في شكل تحالف دولي مثلما حصل إبان تحرير الكويت 1991،هناك تحالفات أخرى بهدف حماية المدنيين مثلما وقع في ليبيا سنة 2011، والذي سمي “»بفجر الأوديسا«” شاركت فيه أمريكا وفرنسا وكندا وإسبانيا وقطر تحت قيادة الجيش الفرنسي والحلف الأطلسي.
هناك نوع آخر من القوات المشتركة يتم إنشاؤها لمواجهة حركات إرهابية متطرفة مثل العمليات الحالية التي يقودها الجيش النيجري والتشادي وقوات النيجر ضد حركة »بوكوحرام«.
هناك تحالفات أخرى من نوع له خصوصية مثل التحالف الدولي الذي انطلق من فرضية التصدي لانتشار أسلحة الدمار الشامل مثلما وقع إبان غزو العراق تحت قيادة القوات الأمريكية والبريطانية 2003، هناك التحالف الدولي الحالي لمحاربة داعش، تفعيلا لقرار الأمم المتحدة رقم 21.70، والذي يضم 50 دولة.
قيام تحالفات ذات طابع عسكري إقليمي، والمؤطرة من طرف منظمات مثل جامعة الدول العربية، ضروري للقيام بعملية تحديد الغايات والأهداف من هذا التأسيس، ثم توضيح الالتزامات العسكرية والمالية لكل دولة، مع إيجاد آليات للتنسيق التدريبي واللوجيستيكي والاستخباراتي، ثم توضيح كيفية التواصل بين مختلف المؤسسات العسكرية المكونة لهذا التحالف مع تحديد برامج عملية وميدانية قصد التدريب على التجانس بين القيادات، وعلى مستوى القواعد العسكرية، ضرورة اختيار مقر للقيادة العامة ودعمه بكل الوسائل الضرورية للاشتغال، ثم الاتفاق على قائد لهذه القوات، مع اختيار محاورين من الجهات الراعية، أي جامعة الدول العربية قصد التنسيق الدائم، مع عدم تدخل القادة السياسيين في الترتيبات العسكرية الميدانية إلا في حالة الرغبة المعبر عنها من طرف قيادة الجيوش المشتركة.
هذه بعض التجارب والآليات الضرورية والقبلية لمثل مبادرة إنشاء قوة عربية مشتركة، إنها مهمة صعبة ومعقدة تعثرت فيها تكتلات متقدمة في التنسيق الاقتصادي، لكنها عجزت عن بلورة رؤية دفاعية مشتركة، ونقصد هنا حالة الاتحاد الأوربي الذي يلجأ دائماً إلى المظلة الأمريكية، كلما تعقدت الإشكالات الأمنية المهددة بشكل مباشر أو غير مباشر لمصالح القارة العجوز.
*مساهمة عبد الكريم بنعتيق في ” راديو أطلنتيك “
الخميس 18 يونيو 2015