في التعامل مع الكوارث التي تضرب المواطنين، تصل «ثقة »الحكومة في سياستها درجة تثير الغضب، لم تسبقها إليها أية حكومة أخرى، بحيث أنها تحافظ عليها حتى .. في اللحظات التي تكون الكارثة مازالت حية وحارة في صميم الفؤاد. لهذا لم يصادف الرأي العام المغربي الموقف الذي يرضاه وهو يتابع الكارثة الجديدة التي أصابت العائلات المغربية والوطن في فقدان 11 بطلا من أبطال التيكواندو في دائرة الماء الذي يصطاد الأرواح..بوادي الشراط.
لايزال الموقف هو نفسه، من التتبع البارد والمرتعش، من كارثة هزت الوجدان الوطني.
فلم يتحرك الضمير الحكومي الى حدود كتابة هذه السطور لكي يكون في مستوى الفاجعة، بل الأدهى من ذلك أنه يتكرر على سياق الفاجعة التي التهمت النيران فيها الأرواح البريئة في طانطان. وعلى طول الكارثة، كانت الحكومة تبحث عن مشجب لكي تعلق عليه الكارثة، وتخفي المسؤولية الواضحة للقطاعات الحكومية.
العار، رافق وقتها الموقف الرسمي لرئيسها، الذي حاول أن يلبس الحادثة غير لبوسها، نسبها إلى من هم أبرياء منها، وتبرئة من لهم علاقة مباشرة.
وكان ذلك موقفا لامسؤولا، وبعيدا عن الشرط الأخلاقي المطلوب في موقع مثل الذي يحتله، ولاسيما في الظروف التي يطلب فيها من صاحب القرار أن يكون قريبا من مشاعر الناس وآلامهم ، بعيدا عن الحسابات الضيقة والظرفية.
وقبل الحرائق كانت هناك فواجع تعهد وزراء في الحكومة بتقديم استقالاتهم إذا تكررت، وسلكوا بعدها مسالك الصمت أو التبرير اللامسؤول أو اعتبروا أن توازنهم الحكومي يفوق، من حيث القيمة والوزن، الأرواح التي سقطت بسبب التجاهل المطلق لها، ولما تقتضيه من مسؤولية.
إذا كانت قضية حريق طانطان مازالت تطرح على البرلمان، بمناسبة كل حديث عن معنى ربط المسؤولية بالمحاسبة، وعن معنى التحقيق كأداة لتحقيق ذلك، وتقوية العدالة والإنصاف، فإن الفاجعة التي ابتلعت فيها مياه النهر والبحر الأرواح، بالقرب من عاصمة القرار في البلاد، تطرح بإلحاح كبير مستوى النضج الحقيقي، غير المفتعل والاصطناعي الذي يملكه صاحب القرار الحكومي في تدبير الكوارث والفواجع.
فالعائلات التي هبت بعد انتشار الخبر ظلت تراوح مآسيها بدون أن تجد الجواب الشافي ، ولا أن تمني النفس بآمال في الإنقاذ، وتبين العجز كبيرا في توفير شروط السلامة، وفي التعامل المناسب والسريع مع الفاجعة..
وفي الوقت ذاته، تابع الرأي العام التعامل «الفوق العادة مع قضايا هي من صميم التداول اليومي، أو من باب التغطية الصحافية، وتهويلها وزرع الفتنة بخصوصها وتأجيج المواقف المحافظة من فوقها وتحتها، والانشغال بصور عادية لسهرات مهرجان عاد، وتحويلها الى بؤرة توتر في البلاد والمجتمع ومركز الاهتمام.
وهو ما يكشف أن حقيقة الموقف الحكومي هي الإهانة المستمرة للأرواح التي تتساقط تباعا بفعل الكوارث ، في غياب الموقف الحازم كلما واجهت البلاد ذلك.

* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

   الاربعاء  10 يونيو 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…