ما قاله رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، خلال جلسة المساءلة الشهرية، للحكومة في مجلس النواب، أول أمس، يدعو للاستغراب والاندهاش، حيث كرر كلاما سبق أن صرح به في استجوابه مع “الجزيرة”، معترفا أن ملف التقاعد كان سيحسم، بيوم واحد، لولا وفاة وزير الدولة، المرحوم عبد الله باها. ولم يوضح لماذا توقف عمل مؤسسة الحكومة، بسبب هذه الحادثة المؤسفة، علما بأنه حسب كلامه، كان جاهزا.
كيف يمكن أن يبرر تجميد ملف، من المفترض أن هناك فريقا يشتغل عليه، وهو أمر يهم الحكومة برمتها، بمبرر وفاة أحد الأعضاء. هل هذا هو العمل المؤسساتي؟ أليس هذا دليلا آخر على الارتجال والارتباك؟
موضوع بهذه الأهمية، يقرر رئيس الحكومة طيه، إلى وقت آخر، لأن حادثة وفاة حصلت، أمر لا يمكن قبوله في حكومة ينبغي أن تشتغل طبقا لبرنامج متفق عليه، وقرارات مدروسة.
لم يتحدث بنكيران عن أي مبرر موضوعي، مما يفهم منه أنه تصرف حسب مزاجه، فهل أخضع الأمر لمنظور غيبي، كما فعل مع التساقطات المطرية لهذه السنة، وانخفاض سعر البترول على المستوى العالمي، الذي اعتبره هدية إلهية لحكومته؟، وهو منطق غير عقلاني، يستبلد به ذكاء المغاربة.
ونفس الأمر فعله في نفس الجلسة، عندما لجأ إلى حديث منسوب للرسول، جاء فيه أن “المؤمن يسرق ويزني ولا يكذب”. لنتصور أن مثل هذا الكلام صدر عن المعارضة أو عن مسؤول سياسي أو جمعوي، لا ينتمي إلى الجماعات الأصولية، كيف سيكون الرد من طرف الغلاة والمعتدلين والمكفرين و”المقاصديين”، الذين يتهمون بالزندقة وبالإلحاد، كل من خالفهم في قضايا مجتمعية، مثل الإجهاض أو الحريات الفردية و غيرها.
أما بنكيران وصحبه، فهم محصنون ومحميون، مهما قالوا وارتكبوا، فهناك آلة تبريرية، تشتغل ليل نهار، تعتبر قرارات الزعيم مقدسة، ولو كانت مزاجية، وكلامه البذيء ردا مشروعا على الخصوم، تفتي في الحب “على سنة الله والرسول”، لها محاكم داخلية، للإفلات من المحاسبة العمومية، تعتبر النقد والمعارضة الديمقراطية، “تشويشا” على المصلحين، وتجد التبرير “الشرعي” لكل ما يرتكبه الأعضاء والأنصار، فهم معصومون من الأخطاء، ما داموا ينتمون للجماعة الناجية.
* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الخميس 28 ماي 2015