قضت جبهة البوليزاريو أزيد من أربعة عقود، وهي تنتقل من وهم إلى وهم، ومن تسخير إلى تسخير لكي تسقط في النهاية في يد الاستراتيجية الفوضوية والترويعية للمنظمات الإرهابية، وتشكل أحد أوجهها البارزة في منطقة الساحل وجنوب الصحراء.
وإذا كانت النهاية منطقية، بحسب تقلبات الجماعات التي لا تملك قرارها، فإن ما يجب أن يسجله التاريخ، هو أن الجبهة تنتقل من يد الى يد ، منذ أن وضعت رهن إشارة صناع الحرب الباردة والانظمة المغلقة، والمشاريع الهيمنية في المغرب الكبير.
واليوم ومنذ ولادة ” حركة التوحيد والجهاد” ، والذي تشكل عمودها الفقري من شباب وأطر جبهة البوليساريو. كل المؤشرات تدل بالواضح على اختراق الحركات الجهادية للمخيمات الأربعة ، خاصة مخيم الداخلة الواقع على الحدود الجزائرية المالية، وكانت قيادة البوليزاريو تنكر تحول المخيمات إلى مشتل للإرهاب والجريمة العابرة للحدود من تجارة المخدرات والأسلحة، ومشاركة أطر سياسية وعسكرية من الجبهة في تأطير الخلايا الجهادية، إلى أن تم اختطاف رعايا إسبان على الطريق بين نواديبو ونواكشوط في العام 2009، وتبين أن العقل المدبر يحمل وثائق تعريف من مؤسسات البوليساريو. في نفس الوقت الذي كانت تنفي فيه هذه القيادة هذه الاختراقات ، انعقد يوم 21 يناير 2009 في الرابوني اجتماع لما يعرف “الهيئة الوطنية للأمن”، التابعة ” للوزير الأول” في “جمهورية الرابوني” ، ويكشف محضر هذه الجلسة عن اعتراف واضح وصريح من لدن قيادة البوليساريو بمواجهة اختراق المخيمات من الجماعات الجهادية وشبكات الجريمة، وعدم قدرتها على إدارة ما تسميه ” الأراضي المحررة”، وكان اختطاف ثلاثة رعايا أوربيين من قلب الرابوني في أواخر 2011، عربونا جديدا على فشل مشروع جبهة البوليساريو وحاضنتها. وتواترت الأحداث فبرزت قيادات جهادية من قلب المخيمات،وهو الشيء الذي أثار قلقا لمسه العالم في تقارير الأمين العام للأمم المتحدة بالخصوص منذ عام 2013 .
إن ما يجري في المخيمات يشكل خطرا على الدولة الحاضنة ثم على دول الجوار، ويوضح أن ما يهم قيادة البوليساريو ليس تقرير المصير أو حقوق الإنسان أو ثروات الصحراء، بل توظيف النزاع والقبلية والنزعات من أجل الإثراء و استيطان السلطة إلى الأبد في ” مؤسسات” لا يوجد لها مثيل في العالم سوى في كوريا الشمالية.
إن الانخراط في الأجندة الإرهابية لنشطاء البوليزاريو يعني عمليا وفاة المشروع الانفصالي، كما يبين أن مشروع الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب في عام 2007، ليس حلا سياسيا لنزاع الصحراء فقط، بل هو نموذج لتنمية القدرات الجهوية وممارسة الحقوق في ظل سياق إقليمي ودولي لا يسمح بالكيانات المغشوشة التي تتحول إلى قنابل تنفجر باستمرار، وهو قبل هذا وذاك باب يفتح لرفع الذل عن سكان المخيمات. ومقترح استراتيجي لتأمين الحدود وتجفيف منابع الإرهاب.

*عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

   السبت 23 ماي 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…