أثارت تصريحات نائب رئيس الوزراء التركي “نعمان قورطولموش”، حول ما أسماه بسايس بيكو الجديدة، في العالم العربي، تعليقات كثيرة من طرف الصحافة، رغم أن هذا الموضوع ليس جديدا على الرأي العام.
فقد صرح بأن الحدود المرسومة بين الدول العربية “لم تكن حدودا لها خلفية تاريخية، وأن العراق حالياً ينقسم إلى ثلاثة أقسام، وليبيا قسمين، واليمن كذلك، ومصر سياسيا مقسمة إلى قسمين، وسوريا إلى عشرات الأجزاء، فيما الجزائر وتونس حاليا مستقرة نسبيا “.
وتكمن أهمية هذه التصريحات، أنها صادرة، عن مسؤول في دولة عضو في حلف الناتو، و تلعب حاليا دورا كبيرا فيما يحصل في سوريا، كما أنها تقف غامضا في موضوع “داعش”.
وما يثير هو توالي التصريحات والتحليلات من قبل مسؤولين أمريكيين وبريطانيين، وحتى إسرائيليين، مثل نتنياهو حول موضوع تقسيم دول العالم العربي، دون أن نشهد بالمقابل ردة فعل قوية وواضحة من طرف أغلب المسؤولين العرب، ومن طرف الإعلام ومراكز البحث والمثقفين العرب.
سنة 2016، سيكون قد مر قرن بعد التوقيع على اتفاقية سايس بيكو، التي مهدت الطريق لتقسيم المشرق العربي، واستعمار أغلب مناطقه، وتوفير الظروف المواتية لخلق الكيان الصهيوني، وقد تم تمرير هذا المخطط، وأغلب العرب يغطون في سبات عميق.
فأين نحن بعد قرابة قرن من الزمان؟
تمكنت إسرائيل، بينما دمرت العراق وسوريا، وأصبح الجيش المصري، القوي، لا شغل له إلا مواجهة الإرهابيين، المتشددين، في سيناء، أما اليمن فهو في حالة حرب، وليبيا لا دولة فيها، والسودان، انشطر نصفين… والبقية قد تأتي.
هل هناك إمكانية لمواجهة سايس بيكو الثانية، وبناء دول موحدة و قوية، والوقوف ضد تقسيم العالم العربي، إلى دويلات الطوائف؟ هذا يفترض أن تستفيق الشعوب من سباتها، لتصنع تاريخها الديمقراطي الحداثي، وتقف في وجه الدعاة المتشددين والمعتدلين، لدولة الخلافة التي هي في حقيقتها العملية، ليست سوى الأداة التنفيذية لسايس بيكو الجديدة.

 

* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

الجمعة 22 ماي 2015

 

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…