بالرغم من تغيير أربع حقائب وزارية، دفعة واحدة، فإن التعديل لم يقنع كثيرا بكونه ذا طبيعة سياسية، لأنه قام على حوادث كان الخيط الناظم بينها هو الطابع الفضائحي، وليس الانزلاق السياسي أو التدبيري المحض أو الإداري.
فعلى العكس من التعديل الأول، الذي نتج عنه تغيير في طبيعة التحالف السياسي بخروج حزب الاستقلال إلى المعارضة، ودخول حزب من المعارضة (السابقة عن الانتخابات نفسها باعتبار الأحرار كان جزءا من تكتل ما قبل تشكيل الحكومة نفسها)، فإن التعديل الثاني يشبه الكاستينغ السينمائي الناتج عن تعديل في الأدوار، فلم تتغير الأفكار …. وتغيرت الرؤوس!
في المقابل كرست التعديلات الأربعة وجود قوة ضعط يمارسها الرأي العام، عبر تفاعله مع الشأن العام المرتبط بالسياسة العمومية.
وهي التوجهات التي تعبر عن نفسها من خلال وسائل الإعلام وبإِبْداءِ الرأي عبر الوسائط الاجتماعية، وتمارس رقابة نقدية على الحكومة، بالسخرية وبالنقد وبنشر التعاليق والأخبار والمقارنات..
وقد سبق أن برز هذا المنحى من خلال نشر شرائط الفيديو عن الرشاوى، و بدا أنها أنجع من القوة الدستورية للحكومة التي عجزت عن التقاط التوجهات الرافضة للفساد داخل الرأي العام..
نحن أمام معادلة غير مسبوقة في المغرب، لأنها تتعلق بالتعديل بواسطة الفضيحة والحكم بالرأي العام، هي اللحظة التي اطلعنا فيها على رأي المغاربة، أو أغلبية الذين عبروا عن رأيهم بدون الحاجة إلى المرور عبر صناديق الاقتراع!
آلية الرأي العام وآليات التصويت تلتقيان هنا في الهدف وهو رفض الفضيحة والتعايش معها..، وما اعتبرته النكتة المغربية حادثة من حوادث القديس «سان فالنتان» جمعت بين ورود الحب والشكلاطة.. و«الزين»! كان في المحصلة دليلا على قوة التجاوب مع الرأي العام من طرف الملكية المغربية، من جهة وقوة الحضور الدولي في اختيارات صاحب القرار، بعد أن تبين أن جزءا من الفضيحة كان مناسبة دولية كبرى في الرياضة والجزء الآخر شوش على صورة التوجه الرسمي للدولة في قضية جوهرية مثل تعدد الزوجات وامتحان غير معلن لها ..، من جهة أخرى، فبالنسبة لقضية الوزيرين الزوجين، فقد اختارا خيارا عائليا وإنسانيا يخصهما، لكنهما في لحظة من لحظات المعالجة فرضاه على الرأي العام على أساس أنه…… أمر لا يعنيه.. وهي قمة المفارقة !. عندما كتب الوزير بصفته وزيرا يدافع عن حياته الخاصة في الفايسبوك.. باعتباره إنسانا له حياة خاصة، يتحدث فيها إلى الرأي العام!
وفي الوقت ذاته كان واضحا أن الصورة التي يرسمها المغرب لنفسه في قضية تعدد الزيجات تتعرض للتعرية في المحفل الدولي القريب..
ولعل من بين أهم النتائج أن التعديلات بهذه الطريقة تُشَكِّلُ بالنسبة لتكتل سياسي لم يدخل في حسابه النسبية الأخلاقية في قضايا السياسة المركبة، ضربة ذاتية كسرت خطاب التفوق الأخلاقوي الذي أرادت التجربة الحكومية الحالية أن تؤسس عليه مبرر وجودها السياسي والحكومي.
وما سيكون المتعاطفون والأنصار مطالبين به هو نسبية هذا التوجه من جهة، و امتحان قدرتهم على مناقشته بدون نزعة سحرية، وبدون تضخيم وبالابتعاد كليا عن نظرية المؤامرة..
* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الجمعة 15 ماي 23015