تتردد دعاية نكتفي بوصفها، بالخاطئة حول ما سمي بتردي الخطاب السياسي في المغرب، معتمدة على خلط بين الأحزاب وبين النخب السياسية، في محاولة لخلق أعذار وتبريرات، للذين يمارسون فعلا الخطاب الرديء، بهدف التهرب من المسؤولية والمراقبة، بخصوص تدبيرهم للشأن العام.
ومن بين أهم التبريرات التي تقدم في هذا الشأن، هي أن كل الأحزاب، تفتقد لبرامج ولقوة اقتراحية، ولا تهتم بمشاكل الجماهير وليست لديها أية دراسات ووثائق ومطالب حول قضاياها الأساسية، وأن زعماءها وأطرها يقضون جل في وقتهم في التراشق بالسب والقذف… فهل هذا صحيح؟
الجواب متوفر في الواقع، ومنشور في جرائد العديد من الأحزاب، وفي مواقعها الإلكترونية وفي أرشيفها… وكل ما هو متوفر يؤكد أن هناك أحزابا نظمت ندوات وملتقيات حول مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأعدت تقارير وأصدرت توصيات وقدمت اقتراحات… كما أن الأحزاب المتواجدة في البرلمان، وخاصة في المعارضة، يمكن الاطلاع على مواقفها في كل القضايا، من خلال مناقشتها للميزانية، وفي الأسئلة التي تقدم للحكومة، وفي المناقشات التي تشهدها اللجان في الغرفتين، ناهيك عن المواقف التي تعبر عنها في الصحافة وفي البيانات، وغيرها من وسائط ووسائل التواصل.
لا تتحمل الأحزاب التي تجتهد في تقديم رؤية ومواقف وبدائل وبرامج، أية مسؤولية، إذا كان الرأي العام لا يطلع على ما تقوم به، بالقدر الكافي، وتتحمل وسائل الإعلام العمومية الجماهيرية، النصيب الأكبر في هذا الخصاص، كما تتحمله، بدرجة أقل، أغلب الصحافة الورقية والإلكترونية والإذاعات الخاصة، أيضا.
هل يخدم هذا الخطاب الذي يدعي أن الأحزاب لا تهتم بقضايا الشعب، تطور الوعي الديمقراطي؟ حتما إنه يشوه هذا الوعي، ويدفع المواطن العادي، إلى اتخاذ موقف خصومة مع المشاركة السياسية ومع حقوق وواجبات المواطنة.
هناك من يعمل، بشكل واضح، على تعميق مظاهر التردي في السياسة، لأنه الرابح الأكبر، حيث لا يمثل الالتزام السياسي بالنسبة له، سوى وسيلة نفعية أو مظلة لمشروع إيديولوجي لا ديمقراطي، و ليس غاية أخلاقية وفكرية نبيلة.
الذين يتم استدراجهم لهذه الدعاية، أو أولئك الذين يقومون بالتنظير لها، يقدمون خدمة لا توصف لمن يرفض الاختيار الديمقراطي، ويسعده تسفيه الممارسة السياسية.
* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الخميس 7 ماي 2015