ركزت الكلمة السياسية للقيادة الاتحادية في اللجنة الادارية، المنعقدة في نهاية الأسبوع الماضي إلى ما يتعرض له الرأسمال اللامادي للمغرب من إتلاف وعوامل تعرية مقصودة، صريحة أو ضمنية جراء السلوك الحكومي.
وكان هذا التركيز، في مقام القاعدة التي بنت عليها القيادة الاتحادية دعوتها الرسمية والصريحة إلى استقالة رئيس الحكومة.
واعتبرت القيادة أن الربط أصبح ضروريا وجدليا، له قوة المنطق، بين التجربة الحكومية الفاشلة وبين ضياع الرأسمال اللامادي للبلاد.
بل اعتبرته »أفظع ما في هذه التجربة الفاشلة«.
ولا يحتاج المنطق الاتحادي إلى عناصر دفاع، لكل من يملك التجرد الكافي للنظر إلى واقع الأمر ، ظرفيا كان أو استراتيجيا. فالكل يعلم أن هذا الرأسمال اللامادي للمغاربة ، متمثلا ، كما ورد في كلمة الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، »هو شبابه ونساؤه، هو اعتداله وحريته، هو تسامحه وانفتاحه، هو حداثته ومؤسساته». وعندما ننظر إلى تفاعل الحكومة مع هذه المقومات ندرك بأنها تخضع لزاوية النظر الضيقة التي تفرضها مصلحة الحزب الأغلبي، وتعمل كل ما في وسعها من أجل أن تبقى وضعية الشباب والنساء، سواء من خلال النصوص وطريقة إعدادها أو من خلال الثقافة التي تسهر على نشرها ودعمها ومدها بكل أسباب الانتشار والهيمنة، وضعية هشة وتزداد هشاشة اندماجها في وضع تصورات الحاضر والمستقبل. وهذا الرأسمال اللامادي «الذي رفع قامتنا شامخة في الخارج، وفرض على المجتمع الدولي أن يكون أكثر تفهما لقضيتنا الوطنية وأكثر احتراما لمصالحنا الحيوية»، يعتبر المس به مسا بمصلحة حيوية واستراتيجية تتطلب وقفة مع الذات ودق ناقوس الخطر.
لقد كانت الرسالة الاتحادية واضحة بهذا الخصوص عندما نبهت الى أن» هذا الرأسمال اللامادي هو الذي أصبح مع جماعة بنكيران معرَّضا باستمرار للإتلاف والضياع، لذلك فإن رحيل هذه الحكومة قبل فوات الأوان، هو المدخل الوحيد للحفاظ على رأسمالنا اللامادي وتطويره، وهو الأمل المتبقى لتصحيح الوضع وإنقاذ المسار الديمقراطي«.
إنها فرصة أخرى للمغاربة، من مختلف مراكز القرار، للوقوف مع الذات وتبيان حقيقة ما نفوته من فرص على إغناء تراثنا اللامادي. وقد آن الأوان كي تصحح المجموعة الوطنية مسار تطلعاتها الى غد أفضل، يحافط على مكتسباتنا من قيم الحداثة والتسامح ويراكم المزيد منها عل مستوى التأهيل المؤسساتي والانخراط في الأفق الكوني الذي اختارته بلادنا، بكامل الاستقلالية وبعيدا عن الإكراهات التي عرفتها دول في جوارنا القريب.
من حق الرأي العام الوطني أن يطالب بالمزيد من التحصين والتمكين للقيم اللامادية التي تشكل رأسمال المغاربة، في وجه الانحراف التام الذي يتعرض له من قبل من يضع الأجندة الحزبية الضيقة فوق الاعتبار الوطني.
* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الثلاثاء 5 ماي 2014