كيف يمكن تقييم ممارسة حرية الصحافة بالمغرب؟ سؤال يطرح بقوة بمناسبة 3 ماي، وستختلف الرؤية حسب الموقع، وحسب منهجية التقييم، والخلفيات السياسية والإيديولوجية، للطرف الذي سيصدر التقرير. لكن إذا حاولنا أن نقدم تقييما موضوعيا لممارسة هذه الحرية في بلادنا، فإن الخلاصة التي يمكن أن نخرج بها، هي غياب أية استراتيجية للإصلاح، في الوقت الذي تتقدم فيه المطالب الديمقراطية ويعبر المجتمع عن اهتمامه بمجال الإعلام.
منهجية التقييم لابد أن تأخذ بعين الاعتبار، كل المعطيات التي تساهم في الممارسة المهنية، على المستوى القانوني، وعلى مستوى الأداء والعمل الميداني، والتدبير المؤسساتي، و الحكامة و النموذج الاقتصادي. لأنه في نهاية المطاف، النتيجة التي يريدها المواطن، هي أن تتوفر له المعطيات الحقيقية والجدية، حول واقعه، أي حول كيفية إدارة الشأن العام، حول صرف الميزانيات العمومية، ومسطرة عرض الصفقات، وكل الملفات التي يمكن أن تفيد في إلقاء الضوء على الإجراءات و القرارات، التي تحدد وترهن مصير حياة ومستقبل دافعي الضرائب.
هل تساهم الصحافة والإعلام في إرساء نظام الشفافية؟ وكيف يمكن أن تتقدم الممارسة على هذا المستوى؟
الهدف من حرية الصحافة والإعلام، هي أن تلعب هذه الوسائط، الدور الذي ينتظره منها المجتمع، بل أن تقوم هي بدور المحفز على الاهتمام بالشأن العام وتربي على الذوق الرفيع، وتدير بكفاءة الجدل السياسي، وتلقي الأضواء على القضايا والمشاكل الاجتماعية وتقدم خدمة في كل المجالات الأخرى من صحة وثقافة وفن ورياضة وبيئة… كما لو كانت مرفقا عاما.
وكان من الممكن أن نتقدم في تحقيق هذه الأهداف التي توصف بالنبيلة، وهي كذلك، لو توفرت الارادة السياسية والاستراتيجية الضرورية للقيام بإصلاح شامل، يدفع بالبناء الديمقراطي، يرافقه ويطوره ويصححه، غير أن هذا هو ما فشلت فيه الحكومة، وفشل فيه أيضا الفاعلون الآخرون والمتدخلون في القطاع، مع اختلاف درجات المسؤولية. لكن الواقع هو أن أغلب الفاعلين من حكومة وسلطات عمومية ومتدخلين في هذا القطاع، بشكل أو بآخر، لم يتخلصوا من نظرية توظيف الصحافة والإعلام، في مجال الدعاية ، أو تصفية الحسابات ونشر الإشاعات أو الإثارة والتجارة… ومادامت هذه هي الرؤية السائدة، فلن تعالج فقط بإصلاح القوانين، رغم أهميتها، بل بالخصوص بإصلاح الأداء المهني، وهو ورش كبير، لا غنى عنه، إذا أردنا لبلادنا التقدم في مجال الممارسة الديمقراطية.

* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

       الجمعة 1 ماي 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…