بانطلاق الحلة الجديدة لجريدتنا «الاتحاد الاشتراكي» ، نكون قد عزمنا القرار على دخول تجربة جديدة، في الشكل وفي المضمون.
وهي تجربة نريدها، كما قد يخمن كل قرائها بمعية المناضلين والعاطفين، أن تكرس الثوابت ،المهنية والأخلاقية والمبدئية، التي صنعت تاريخ الإعلام الاتحادي منذ بداية الستينيات من القرن الماضي،إلى الآن مرورا بكل المنعطفات التي ساهم فيها، بمعية الإعلام الوطني الشريف والمناضل، وتفتح وعي القارئ ، مثل وعي الفاعل الاعلامي والسياسي، على آفاق جديدة، تستحضر التحولات الكبرى التي يعرفها الحقل الإعلامي الوطني وتغير معطياته واتساع رهاناته، وتنظر إلى هذه التحولات برؤية يملأها التفاؤل والثقة في المستقبل، ويحصنها الإيمان بقدرة الإعلام المسؤول على الاستمرارية في أداء رسالته.
لقد اخترنا شعاراتنا من صميم تجربتنا الكفاحية التي غذتها سنوات الكفاح من أجل الحق في الوجود، وفي التعبير وفي الدفاع عن الحق في المعلومة، في ترابط جدلي مع الدفاع عن مغرب المؤسسات وتعدد الآراء والحساسيات وهي شعارات أثبت إعلامنا أنه قادر على تجسيدها من خلال »الالتزام، المصداقية والمسؤولية«.
ونحن ،إذ نحيي كل الذين ساهموا من موقع المسؤولية على رأس الإعلام الحزبي، والذين استشهدوا من أجل رسالته والذين قاوموا به ومعه كل أشكال الإقصاء والتنكيل، أي كل الذين صمدوا من أجل الدفاع المستميت عن هذه المبادئ، وعن غيرها من أخلاق المسؤولية، نؤكد في الوقت نفسه أن مصير الإعلام المكتوب رهين بتطوير الوعي بالحاجة إليه، وبالاستجابة الفورية والعميقة لانتظارات شرائح واسعة من الرأي العام، لا سيما الشبابي والنسائي منه، وبالتفاعل الواعي والسريع في الآن ذاته، مع تموجات الحقل الاجتماعي،إضافة إلى تمثل أسئلة الثورات التكنولوجية الحديثة في ميادين التواصل والاعلام وتملك مكتسباتها، وتعميم الثورة الحديثة في هذه الميادين، تماشيا مع روح الإبداع والابتكار التي طبعت تجارب الاتحاد، الثقافية والفنية والإعلامية.
ونحن معنيون، في ذلك ، بكل الأسئلة المطروحة على المكتوب والمقروء في زمننا المغربي الحديث، ومعنيون بمستقبله وكل المخاطر التي تهدد المقروئية في بلاد ما فتئت مثبطات القراءة فيها تزداد بشكل مخيف، مقابل تعميم الضحالة والفكر المتجمد والإسفاف الثقافي ..
إن المتبعين للشأن الاعلامي يدركون بأنه قد صار اليوم في صلب الصراع الديموقراطي، فهو من جهة أحد عناصر التأصيل الضرورية للانتقالات الديموقراطية ونشر الوعي الديموقراطي، علاوة على أنه بذاته عربون نجاح الديموقراطية والفكر المنفتح، و مما يجعله هدفا حاضرا باستمرار في أجندة القوى الظلامية، والقوى المستبدة بالفكر الوحيد والمستندة إلى الفساد في وجودها.
إن الرهان، كما يدرك الجميع، ليس سهلا، وهو في نهاية التحليل يمثل جزءا من الصراع من أجل قيام مجتمع المعرفة، الذي يشكل أحد الأساليب التحديثية الكبرى للنهوض السياسي والمجتمعي بشكل عام.
إننا لسنا محايدين في القضايا التي تمس جوهر الرسالة النضالية للقوى التقدمية والديموقراطية، وانحيازنا لا يحتاج الى استفهام في ما يخص مطالب التحديث والتضامن والعدالة الاجتماعية والسمو الأخلاقي..
سنساهم في هذا الأفق بما يمليه علينا التزامنا، ونسعى إلى ذلك بما تمليه علينا مسؤوليتنا، وننصت لأجل ذلك لكل الآراء بما تمليه علينا جديتنا. وكل الرهان على الضمير المغربي المتيقظ والحس الرفيع الذي أبان عنه المغاربة في منعطفات التجربة الإصلاحية في ميدان الإعلام..

* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

    الاربعاء 29 ابريل 2015

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…