لا يمكن للمغرب إلا أن يسجل بإيجابية ما جاء من توصيات في تقرير الأمين العام الأممي بان كي مون، الذي سيناقشه مجلس الأمن، حول الصحراء المغربية، بخصوص «اللاجئين» الصحراويين في تندوف، حيث تساءل عن عددهم، بهدف تقديم المساعدة لهم، ولذلك أوصى بضرورة إحصائهم.
ولا يمكن للمغرب، إلا أن ينتظر من مجلس الأمن تبني هذه التوصية، لأنها العقدة الأساسية في هذا الملف. ولذلك كانت الدولة الجزائرية ترفض باستمرار هذه العملية، رغم أن القانون الإنساني الدولي ينص عليها، ورغم أن المندوبية العليا للاجئين كانت مطالبة بتقديم مساعدات إنسانية، لسكان تجهل عددهم.
وقد لعب خصوم المغرب على هذه الورقة، حيث كانوا يضخمون عدد الصحراويين، الذين يعيشون تحت رحمتهم، من أجل استجلاب المساعدات، التي تبين انطلاقا من تقارير أوروبية رسمية أنها تحول عن مسارها، من طرف السلطات الجزائرية، و أنها تباع في أسواق أخرى، ولا تصل إلى المخيمات.
لماذا كانت الدولة الجزائرية ترفض إحصاء من يسمون باللاجئين، في مخيمات تندوف؟ لقد تم تجاهل هذا المطلب، الذي طالما طرحه المغرب، وكان من الممكن للمنتظم الدولي، أن يفرض ذلك على السلطات الجزائرية، غير أنه تجاهل هذا الموضوع، ولا يعلم كيف سيتم التعامل اليوم، مع التوصية المقترحة من طرف الأمين العام.
كان من اللازم، منذ بداية السبعينات، أن يعالج هذا الموضوع، غير أن الحصار الذي كان ولايزال مضروبا على المخيمات، منع ذلك، لأن الرأسمال، الذي تاجر به خصوم المغرب، هو هذا الحصار، بالتحديد. ورغم أن عدد الهاربين من المخيمات، يتزايد باستمرار، وهم يحكون عن الجحيم الذي عانوا منه، إلا أن التجاهل هو الجواب الذي كانوا يواجهون به.
لم يكن من الممكن لخصوم المغرب أن يصرفوا سياستهم، لولا هذا التواطؤ، بل أكثر من ذلك، فقد حولت العديد من المنظمات الإسبانية، على الخصوص، المخيمات، إلى حج مقدس، وخلقت الأساطير حولها وصورتها كما لو كانت جنة من الديمقراطية والحرية والعدالة… ويدخل كل هذا في إطار لعبة مدروسة، هدفها هو أن يستمر الحال عما هو عليه، بهدف الضغط على المغرب، باسم وجود «شعب» صحراوي، وأراض محرر ة، والتي ليست سوى منطقة عسكرية عازلة، تركها المغرب، حتى لا يحصل تماس بين جيشه والجيش الجزائري، تجنبا لأية مواجهة.
هل تعني توصية بان كي مون، حول إحصاء «اللاجئين»، بداية فك الحصار عمن يعتبرهم المغرب، محتجزي مخيمات تندوف؟ لابد للديبلوماسية المغربية أن تشتغل بقوة على هذا الملف، لأنه هو جوهر ما يسمى بقضية الصحراء. ولا يجب أن نعتقد أن الأمر سيكون سهلا، لأن سحب هذه الورقة، من أيادي خصوم بلادنا يعني بداية حل النزاع المفتعل.
لذلك على المغرب أن يظل حذرا لأن المناورات، ستنحو، على الأرجح، في اتجاه آخر، مستغلة الأوضاع الحرجة، في المخيمات، وتزايد خطورة شبكات الإرهاب والتهريب في المنطقة، كما ذكر الأمين العام في تقريره، لتطرح ضرورة إيجاد حل «وسط» ومستعجل بين طرفي النزاع، أي بين الحكم الذاتي والانفصال، ليزرع شوكة جديدة في المنطقة، توفر كل الشروط لاستمرار الصراع والابتزاز، دون الحسم في موضوع السيادة.
*الخميس 16 ابريل2015