من حق المتتبعين للشأن السياسي في المغرب أن يتساءلوا عن البرود الذي يتعامل به الإعلام، وخاصة العمومي، مع موضوع الإرهاب، الذي تؤكد الوقائع أنه لم يبق مجرد حالات معزولة، بل أصبح آفة حقيقية تصيب مجتمعنا، مثل أية آفة أخرى.
فقد أصبح التهديد الإرهابي، بكل سياقاته وخلفياته، معطى ثابتا، في الواقع المغربي، حيث تتناسل الخلايا والشبكات المتطرفة الإجرامية، التي تكشف أمرها أجهزة الأمن، بوتيرة تتزايد باستمرار، مما يؤكد أن المغرب يعيش على إيقاع تفريخ الإرهابيين، سواء أولئك الذين يخططون لارتكاب عمليات داخل التراب المغربي، أو أولئك الذين يستقطبون لصالح «داعش».
ومن المعلوم أن مثل هذه الظواهر لا تنبت من فراغ، بل هي نتيجة عملية شحن إيديولوجي متواصل ، بواسطة الفضائيات والمواقع الإلكترونية الرجعية، وكذا المواقف والتصريحات و»الفتاوى»، التي يروجها شيوخ الظلام والجمعيات الدعوية والتنظيمات الأصولية، ولا يمكن أن نتصور أية مواجهة ناجعة لهذه الآفة، إذا لم تنخرط وسائل الإعلام العمومية، السمعية والبصرية، في حملة تربوية ضد التطرف الديني، لتقدم برامج تنويرية لتحليل المرجعيات الظلامية والخطيرة للدعوات التكفيرية، ولفضح الخلفيات الإيديولوجية والسياسية للمروجين لهذه الأفكار الهدامة.
إذ لا يمكن محاربة الفكر الإرهابي، بدون عمل استراتيجي، على المستوى الثقافي والتربوي، حيث يمكن لوسائط الاتصال الجماهيري أن تكون ناجعة على هذا المستوى، وألا يبقى هذا الموضوع، الذي يعرف الجميع أنه حاضر بيننا، طابوها، لأننا سنكون كما النعامة التي تخفي رأسها في الرمال.
وتدخل هذه المهمة في صميم دفاتر تحملات الإعلام العمومي، السمعي البصري، على الخصوص، الذي ينبغي أن يقدم خدمة عمومية للمجتمع، في قضية حاسمة بالنسبة لاستقرار البلاد وأمنها، وأيضا بالنسبة للدور الكبير الذي يمكنه أن يلعب في تمنيع فئات واسعة من الشعب تجاه الفكر المتطرف، الذي لا ينسجم مع التوجهات الكبرى التي أتى بها الدستور، على مستوى تعريف الهوية الدينية للمغرب، والتي انطلقت من تقاليده ومن المذهب والاجتهادات، التي حصل التوافق بشأنها.
وكان على الحكومة، وخاصة الحزب الذي يتولى رئاستها، تنبيه المشرفين على الإعلام العمومي، إلى ضرورة تقديم هذه الخدمة، ذات البعد الأمني والفكري والسياسي الهام، خاصة وأنه من المعروف عنه أنه يتدخل باستمرار في البرامج التي تقدمها القنوات العمومية، لكن عندما يتعلق الأمر بالرقص واللباس.

* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

9 ابريل 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…