كيف يمكن تصور تنظيم انتخابات في الأجواء الحالية التي يعرفها المغرب؟
تتميز الظرفية بالتهديدات الإرهابية، التي تطال شخصيات حزبية وثقافية، أي النخبة التي تلعب الدور الحاسم في تأطير المواطنين، كما ينص على ذلك الدستور.
هناك أحزاب مستهدفة من طرف الخلايا الإرهابية، ومعنى ذلك أن زعماءها وأطرها مهددون، في أغلى ما يملكون، أي حياتهم وسلامتهم الجسدية. ومعنى ذلك أيضا أن مقراتهم وتجمعاتهم مهددة، وأن كل تحركاتهم، قد تكون محفوفة بالمخاطر.
هذه هي الظروف التي يتم التحضير فيها للانتخابات، حيث يتم تفكيك خلية مدججة بالسلاح، ومشحونة بالحقد القاتل، واقعة تحت تأثير الدعاية التحريضية، ضد أحزاب معينة وأشخاص بعينهم. الأمر لم يعد سرا، بعد أن تم تسريب أسماء مختارة بعناية لبعض الصحف.
وكان من الطبيعي في أي بلد له تقاليد ديمقراطية، أ.0ن تقوم القائمة وأن تتحدث الحكومة وتتحرك وتتخذ الإجراءات الضرورية، في إطار مسؤوليتها لحماية أمن المواطنين، وأن تعبر الهيئات المنظمة، حزبية وغيرها من الفاعلين، عن تنديدها بالإرهابيين، ومن يقف وراءهم، وعن تضامنها مع ضحايا التهديد، وينتج عن ذلك نقاش شامل في المؤسسات الوطنية والمدنية لحقوق الإنسان، ي البرلمان، وفي المجتمع، وخاصة في وسائل الإعلام.
لكن يبدو أننا مازلنا لم نتعلم مثل هذه التقليد. الأدهى من كل هذا هو ما نطلع عليه في الشبكات الاجتماعية، من تعاليق لأشخاص محسوبين على جهات أصولية، تدعي التزامها بالشرعية الديمقراطية والقانونية، بينما تتشفى، أو تبرر مثل هذه التهديدات وتجد لها المسوغ الإيديولوجي…
ولا يخفى على أحد أن هناك مسؤولية معنوية، قد تكون أقوى من مسؤولية الفاعل المباشر. أي مسؤولية الذي يحرض على الإرهاب، بأساليب مختلفة، مثل تكفير « العلمانيين» و «الاشتراكيين» و«الإجهاضيين»، والدعوة المبطنة لقتلهم… وغيرها من الدعاية التحريضية على ارتكاب جرائم الإرهاب.
مسؤولية الفاعل المعنوي، خاصة إذا كان يختفي وراء «سلطة» دينية أو سياسية، حاسمة وأساسية، لأن المنفذ قد يكون إنسانا أقرب إلى السذاجة، معتقدا أنه يطبق أمرا إلهيا لمعاقبة المارقين، ممثلا لتوجيهات هذه «السلطة».
بينما الذي يدعي انخراطه في اللعبة الديمقراطية والتزامه بالقوانين والتوافقات، فمسؤوليته لا تقل أهمية. ونعتقد أنه كلما احتد الصراع السياسي، في أفق الانتخابات المقبلة، كلما برزت على السطح، التوجهات الثاوية، لسلالة قتلة الشهيد عمر بنجلون، الذين يعتبرون أن القلم ينبغي أن يكون في خدمة السكين.
*عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
8 ابريل 2015