أعتذر في البداية عن هذا العنوان، الذي كان مفروضا استعماله، لأنه يتطابق مع الموضوع الذي نريد تناوله، ويتعلق بتصريحين لرئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، الأول في برنامج “قفص الاتهام”، لمحطة “ميد راديو”، والثاني في أحد التجمعات، والذي تم بثه في الفيديوتوب.
في البرنامج المشار إليه، يعبر بنكيران عن رغبته في عض المعارضين، لأنهم، حسب قوله، يصرحون بأشياء يعتبرها موجبة للانقضاض عليهم وإشباعهم عضا.
أما في الفيديو المذكور، فقد كان بنكيران، يتحدث في تجمع عن موضوع كتابة الأمازيغية، وقال لأحد الحاضرين، إنه إذا لم يكن متفقا معه، فبإمكانه أن يعطيه خده ليصفعه، وفعلا نزل رئيس الحكومة المغربية، من المنصة وتوجه نحو الشخص وقال له “ها أنت صرفقني”! غير أن المواطن كان متخلقا ومؤدبا فصافحه، ليؤكد له أن الخلاف حول قضية ما، لا يعني اللجوء للصفع والضرب.
وفي الحقيقة لا يمكن للإنسان إلا أن يصدم من سلوك بنكيران، ويتساءل عن المرجعية الثقافية والسياسية التي استمد منها رغبته في العض وعرض خده للصفع. هل هي مرجعية دينية؟ لا نعتقد ذلك. من أية مدرسة سياسية استلهم رئيس الحكومة المغربية هذه النوازع العنيفة واللاأخلاقية والنزقة؟
البحث في هذه التساؤلات أفضى بنا إلى استذكار بعض النماذج من الحكام الذين أبدعوا في مظاهر النزق، مثل الرئيس السابق لإفريقيا الوسطى، جوزيف بيديل بوكاسا، الذي نصب نفسه إمبراطورا معتبرا نفسه مثل نابوليون، وكانت لديه نزوات غريبة، منها حتى اتهامه بحفظ جثث الموتى، في ثلاجات في قصره، في إطار معتقدات خرافية.
وكان بوكاسا يطلق على القذافي، لقب “ابن عمي”، حيث كان يمول جزءا من حماقاته، التي لا تقل عن حماقات العقيد الليبي، إفراطا في الجنون. وفي إفريقيا أيضا برز الرئيس السابق لأوغندا، عيدي أمين دادا، الذي ضرب الرقم القياسي في التسلط، ونصب نفسه ماريشالا، حتى أصبح نموذجا في التصرفات الجنونية، وكتبت حوله دراسات نفسية عديدة.
أما في الشيشان، فإن رئيسها رمزان كاديروف، طلب من وزيره في الشبيبة والرياضة منازلته في حلبة الملاكمة، ليعاقبه على أخطاء ارتكبها.
وبغض النظر عن الدراسات النفسية، التي يمكن أن يخضع لها رئيس الحكومة المغربية، فإن الخطر الحقيقي من ممارساته، هو النموذج الذي يقدمه للناشئة، فمن المفترض أن الأطفال والشباب، ينظرون إلى الذي تولى هذه المسؤولية التنفيذية، نظرة خاصة ومثالية، وينتظرون منه دروسا في التربية الديمقراطية والأخلاق الحسنة، فإذا به يحيلهم على قاموس العض والتصرفيق.

* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

الاثنين 16 مارس 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…