على هامش المراسيم الأخيرة المحددة لتواريخ الاقتراع لمختلف الانتخابات المقررة ما بين 4 شتنبر و2 أكتوبر 2015
من المفيد أن ننبه القارئ الكريم ومختلف المعنيين أو من يهمهم أمر وتفاصيل المراسيم موضوع هذا الرأي، أن غايتنا من هذا التنبيه هي المشاركة في توضيح مضامين هذه المراسيم، وبالتالي الإشارة إلى بعض الاختلالات التي تشوبها والتي تمس -دون شك- بشرعيتها القانونية.
ولحسن الحظ، فإن الزمن مازال متسعا لإصلاح اختلالاتها قبل حلول الفترة الازمة لنشر تلك المراسيم، وهي 45 يوما قبل تاريخ الاقتراع
ومن دون أن نستبعد مضامين تحليلنا القادم، نرى أن تلك المراسيم ،التي هي عبارة عن نصوص تنظيمية أن كان يجوز لها تحديد تاريخ الاقتراع لإجراء مختلف تلك الانتخابات المتعلقة بمجالس الجماعات المحلية الترابية. فإنه لا يمكن لها أن تحدد فترة انتداب المجالس المعنية بتلك الانتخابات الجديدة، لأن اختصاص التمديد أو التقليص لمدة الانتداب والذي هو ست سنوات، لايمكنه أن يتم إلا بنص تشريعي، ونقول من الآن، قانون تنظيمي، لأنه من الآن مدة الانتداب لمجالس الجماعات الترابية محددة في ست سنوات بمقتضى المادة الثانية من القانون التنظيمي رقم 11 – 59 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، هذا القانون الذي تحيل إليه بالفعل المراسيم الخاصة بتحديد تواريخ الاقتراع لانتخابات مختلف مجالس الجماعات الترابية، مع العلم أن السند القانون لانتخابات أعضاء مجلس المستشارين والذي يعتمد عليه المرسوم الخاص بهذا الانتخاب يرجع إلى القانون التنظيمي رقم 11 – 28 المتعلق بمجلس المستشارين والمرسوم بقانون رقم 88 – 12 – 2 بتطبيق المادة 98 من هذا القانون التنظيمي والذي تمت المصادقة عليه بالقانون رقم 12 – 27 المنفذ بالظهير رقم 35 – 12 – 1 بتاريخ 4 شتنبر 2012.
وبالرجوع إلى النصوص المنظمة والمطبقة لمختلف الانتخابات السابقة، نجد سوابق في الموضوع تأخذ بعين الاعتبار التراتبية بين النص التشريعي والنص التنظيمي وبالتالي التمييز بين النص الذي يمدد أو يقلص فترة الانتداب لمجالس الجماعات الترابية (المحلية سابقا) والذي لم يكن إلا نصا تشريعيا، وبين النص التنظيمي تطبيقا لذلك النص التشريعي والذي هو فعلا مرسوم. ولقد سبق لنا أن بحثنا بصيغة موسعة في هذا الموضوع من خلال كتابنا الصادر في صيف 2009 حول النظام القانوني للانتخابات المحلية (676 ص) فنحيل إلى ذلك الكتاب لمزيد من التفاصيل.
والإشكالية الأساسية التي نطرحها في هذا الرأي الحالي والتي اخترنا لها عنوانا يقابل السياسة بالقانون، إذ نرى أن رياح السياسة التي فرضت تأخير انتخابات مجالس الجماعات والمقاطعات من شهر يونيو إلى شهر شتنبر 2015 وهو شيء شرعي، مقبول سياسيا وقانونيا، لكن كان من اللازم أن تحضر مشاريع المراسيم التي يظهر أنها حضرت ماديا قبل أن يتقرر سياسيا تأجيل تلك الاستحقاقات الانتخابية، بأن تنطلق من يوم 4 شتنبر 2015، عوض 12 أو 13 يونيو 2015، لهذا غلبت رياح السياسة في هذا الموضوع على ما يتطلبه القانون، الأمر الذي لا يمنعه أن يمر دون أن ينتبه إليه الباحث المتتبع وينبه إليه بالضرورة الممارس أو المكلف أو كل من يهمه أمر شرعية وسلامة الانتخابات العامة قانونيا وسياسيا في دولة نطمح أن تكون باستمرار دولة الحق والقانون والمؤسسات الديمقراطية، وبالتالي حتى لا تقع في المحظور في قبضة الحكمة الفقهية: »ما بني على باطل فهو باطل«.
ولعلنا بهذه الملاحظة الأولية نكون قد كشفنا ما في جعبة رأينا، ليعلم القارئ من خلال ذلك أن الأمر يتعلق بالانتقادات القانونية التي فرضتها علينا مضامين تلك المراسيم، وأن في عنقود العنب حبات متعددة، من اللازم الوقوف عند بعضها لاظهار الجلود مؤكدين في نفس الوقت أن الأمر يتطلب البحث عن حذاء (بلغة) ليلائم الرجل، عوض أن نعمد إلى تقطيع الرجل لتلائم الحذاء، فإن كانت المراسيم ضرورية وشرعية لتحديد تواريخ الاقتراع، فإنها غير كافية إذا ما وقع تمديد أو تقليص مدة انتداب مجالس الجماعات الترابية القائمة حاليا في تاريخ صدور تلك المراسيم، وفي جميع الحالات يجب أن تصدر وتنشر بعد إصدار ونشر النص التشريعي اللازم لتحديد فترة الانتداب تبعا للقرار السياسي المتخذ بتأجيل الانتخابات من شهر يونيو إلى شهر شتنبر 2015 ونقترح تفصيل وتدعيم رأينا في هذا الموضوع في التحليلات القادمة.
واعتمادا على كل من الموقع الالكتروني للسيد رئيس الحكومة والموقع الالكتروني للأمانة العامة للحكومة بشأن اجتماعات مجلس الحكومة، فقد صادق مجلس الحكومة في اجتماعه ليوم الخميس 26 فبراير 2015 على مشاريع أربعة مراسيم تتعلق بتحديد تواريخ مختلف الاستحقاقات الانتخابية التي ستتم من يوم 4 شتنبر إلى ثاني أكتوبر 2015.
وبقراءة متمعنة وفاحصة لمضامين مشاريع هذه المراسيم الأربعة، ولحسن الحظ، فإنها -لحد الآن- لم تنشر في الجريدة الرسمية، إذ نجد أثناء كتابتنا لهذا الرأي أن آخر عدد للجريدة الرسمية والمعلن عنه في موقع الامانة العامة للحكومة هو العدد رقم 6339 المؤرخ في 2 مارس 2015.
ونتمنى من السيد الأمين العام للحكومة أن يؤجل نشر هذه المراسيم باتفاق مع السيد رئيس الحكومة إلى حين تصحيح ما بها من اختلالات، إن استطاع رأينا هذا أن يجد آذانا صاغية مادمنا لم نجد رأيا آخر أو جوابا يأتي بغير أو يعاكس مضامين رأينا المتواضع هذا ويقنعنا به.
وبمصادقة مجلس الحكومة في اجتماعه ليوم 26 فبراير 2015 على مشاريع المراسيم موضوع هذا التحليل، لم تكن مجرد مشاريع بل أصبحت مراسيم نهائية ويبقى لها أن تنشر في الجريدة الرسمية على أساس أنه لا يتأخر هذا النشر عن 45 يوما قبل بداية تنفيذها، هكذا فالاجالات مازالت متوفرة لإعادة النظر في هذه المراسيم من حيث المضامين القانونية وليس المضامين السياسية المحددة للتواريخ الواردة فيها، فتحليلنا هذا لا يطرح ولا يناقش هذا الجانب السياسي في تحديد التواريخ، بل يقدم الاطار القانوني لتكون مضامين هذه المراسيم لا تشوبها شائبة قانونية.
نذكر بأن المراسيم الأربعة المعنية في دراستنا هذه هي الثانية:
1 – المرسوم رقم 146 – 15 – 2 المحدد بموجبه تاريخ الاقتراع لانتخاب أعضاء مجالس الجهات.
2 – المرسوم رقم 147 – 15 – 2 المحدد بموجبه تاريخ الاقتراع لانتخاب الجهات ومجالس الجماعات والمقاطعات.
3 – المرسوم رقم 148 – 15 – 2 بتحديد تاريخ الاقتراع لانتخاب أعضاء مجالس العمالات والأقاليم.
4 – المرسوم رقم 149 – 15 – 2 بتحديد تاريخ الاقتراع لانتخاب أعضاء مجلس المستشارين.
إذن تتعلق المراسيم الثلاثة الأولى بتاريخ الاقتراع لانتخاب أعضاء مختلف مجالس الجماعات الترابية: الجهات، الجماعات والمقاطعات ومجالس العمالات والأقاليم.
أما المرسوم الرابع المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس المستشارين فينص على إجراء الاقتراع بالنسبة للهيئات الناخبة لممثلي الجماعات الترابية والمنتخبة في الغرف المهنية والمنتخبين في المنظمات المهنية الأكثر
تمثيلية على المستوى الجهوي. كذلك إجراء الاقتراع لأعضاء الهيئة الناخبة لممثلي المأجورين على المستوى الوطني، وذلك على أساس أن تجري هذه الانتخابات يوم الجمعة 4 شتنبر 2015 بصيغة مباشرة بالنسبة لأعضاء في مجالس الجهات، وأعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات، ويوم الخميس 17 شتنبر 2015 لانتخاب أعضاء مجالس العمالات والأقاليم بصفة غير مباشرة من بين أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات المنتخبة يوم 4 شتنبر من نفس السنة.
كما حددت مختلف تلك المراسيم مختلف التواريخ المتعلقة بوضع الترشيحات وأيام الحملة الانتخابية لكل هيئة من الهيئات المذكورة. ولا تثير لدينا في هذا الرأي، موضوع هذه التحليلات، مضامين هذه المراسيم، أية إشكاليات من الجانب القانوني، في ما يتعلق بالتواريخ المقررة، لأنه في رأينا، فرضتها الهواجس السياسية.
لكن تشير ملاحظاتنا الجوهرية حول المضامين الإجمالية لهذه المراسيم فئتين من الملاحظات:
أولا: المرتكزات القانونية لهذه المراسيم.
ثانيا: الاختلالات، الظاهرة لنا التي تشوب هذه المراسيم.
أولا: المرتكزات القانونية لهذه المراسيم
نعتقد جازمين أن الجميع لا يمكن إلا أن يتفق، وبالتالي يشترك في التأكيد على وجود المرتكزات القانونية السليمة، الدافعة إلى إصدار هذه المراسيم، ونقترح أن نذكر بإجماليها في ثلاثة مرتكزات أساسية:
1 ـ تطبيق القانون التنظيمي رقم 59/11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
2 ـ ضرورة التجديد العام لمختلف المجالس المنتخبة المعنية بعد انتهاء مدة انتداب أعضاء المجالس القائمة حالياً؟
3 ـ تطبيق القانون التنظيمي رقم 28/11 المتعلق بمجلس المستشارين.
ولسنا بحاجة إلى أن نذكر بادئ ذي بدء، أن كل هذه المرتكزات تعتمد بدورها على مقتضيات الدستور الجديد، دستور 29 يوليوز 2011، الذي جاء بتصور جديد متطور لكل من مجلس المستشارين ومجالس الجماعات الترابية بكل أنواعها. وبالتالي يمكن أن نقول: إن هذه المراسيم، من حيث المبدأ، تدخل في تنفيذ الدستور الجديد، بعد أن تم تفعيل البعض منه بصدور كل من القانون التنظيمي رقم 28/11 المتعلق بمجلس المستشارين، والقانون التنظيمي رقم 59/11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية. وأخيراً بتقديم إلى البرلمان مشاريع القوانين التنظيمية أرقام 111/14، 112/14، 113/14 المتعلقة على التوالي بالجهات والعمالات والأقاليم والجماعات…
لنعرض تلك المرتكزات الثلاثة:
I ـ المرتكز الأول:
تطبيق القانون التنظيمي رقم 59/11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية
من المعلوم أن مختلف مجالس الجماعات الترابية القائمة حالياً (شهر مارس سنة 2015)، والتي كانت تعرف بمجالس الجماعات المحلية، كانت تخضع في انتخابات مجالسها للقانون رقم 9/97 المتعلق »بمدونة الانتخابات«، كما تم تغييره وتتميمه.
وحيث أن مجالس الجماعات الترابية أصبحت تخضع لمقتضيات جديدة في الدستور الجديد ليوليوز 2011، وبالخصوص ما جاء به الفصل (146) منه، والذي يفرض وجود قانون تنظيمي، وليس قانون عادي خاص بالجماعات الترابية، وتفعيلا لهذا الفصل من الدستور، صدر القانون التنظيمي رقم 59/11 المتعلق »بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية«، والمنفذ بالظهير رقم 1/11/173 الصادر في 21 نونبر 2011 ـ 02 عدد 5997 مكرر بتاريخ 22 نونبر 2011، ص (5561/5537).
وتطبيقاً للمادة الأخيرة (م. 162) من هذا القانون التنظيمي، تم نسخ من قانون مدونة الانتخابات المذكور، مختلف المقتضيات المتعلقة بالأحكام الخاصة بانتخاب كل من أعضاء مجالس الجهات، وأعضاء مجالس العمالات والأقاليم، وأعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات. وهكذا يبقى السند الأساسي لانتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية هو القانون التنظيمي رقم 59/11، والذي جاء تفعيلا للفصل (146) من دستور 2011. وبالفعل، جاءت المراسيم الثلاثة المحددة لتاريخ الاقتراع لمختلف أعضاء مجالس الجماعات الترابية تطبيقاً لهذا القانون التنظيمي، وبالخصوص المادة الثالثة منه والمطبقة في انتخابات كافة هذه المجالس، والتي تخول للمرسوم اختصاصه في ذلك، والتي جاء فيها:
»يحدد بمرسوم تاريخ الاقتراع والمدة التي تقدم خلالها الترشيحات وتاريخ بدء الحملة الانتخابية ونهايتها، وينشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية«.
نذكر بنص هذه المادة (3)، على أساس أننا سنرجع إليها لاحقاً، لتوضيح الأمور من البداية، بتأكيدنا بأننا لا ننازع أو نناقش مع الحكومة في أن تصدر مراسيم، لتحديد تلك التواريخ المتعلقة بتحديد يوم الاقتراع، وأيام الترشيح وأيام الحملة الانتخابية، لأن تلك المراسيم، من حيث الشكل، جاءت لتطبيق القانون التنظيمي رقم 59/11، والذي جاء بدوره تفعيلا للمادة (146) من الدستور الجديد. ولقد نصت كل تلك المراسيم على أرقام المواد في ذلك القانون التنظيمي، والمعتمد عليها في تحديد التواريخ.
من جهة أخرى، لابد من التذكير بأن تحليلنا القانوني يناقش موضوع رأينا هذا، اعتماداً على النصوص الجديدة الصادرة بعد إقرار دستور 29 يوليوز 2011، وبالتالي فلم يبق القانون السابق رقم 9/97 »المتعلق بمدونة الانتخابات« هو المنظم لهذه الانتخابات المتعلقة بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، بل نذكر أيضاً أن هذه المدونة لم يبق فيها إلا المقتضيات المتعلقة بانتخاب أعضاء مختلف الغرف المهنية، والتي تشمل المواد (من 218 إلى 284)، وذلك تطبيقاً لأحكام المادة (120) من القانون رقم 57/11 المتعلق »باللوائح الانتخابية العامة، وعمليات الاستفتاء واستعمال وسائل الاتصال السمعي ـ البصري العمومية خلال الحملات الانتخابية والاستثنائية«. هذا القانون المنفذ بالظهير رقم 1/11/171 الصادر في 20 أكتوبر 2011، والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 5991 بتاريخ 31 أكتوبر 2011، ص 5275/5256).
وتبعاً لذلك، تنص المادة (136) من هذا القانون الأخير على أنه »مع مراعاة أحكام القسم الخامس من هذا القانون (أحكام خاصة بالغرف المهنية: المواد 120 إلى 125) تنسخ أحكام القانون رقم 9/97.
المتعلق بمدونة الانتخابات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1-97-83 بتاريخ 23 من ذي القعدة 1417 (2 أبريل 1997) كما وقع تغييره وتتميمه، المتعلقة باللوائح الانتخابية العامة وبطائق الناخبين وبالاستفتاءات واستعمال الوسائل السمعية البصرية العمومية أثناء الحملات الانتخابية بمناسبة الانتخابات العامة الجماعية والتشريعية ،وبمساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية التي تقوم بها النقابات«.
ومن المعلوم أن المراجعة الاستثنائية الأخيرة للوائح الانتخابية العامة التي تتم في مستهل السنة الحالية 2015، تتم بناء على المقتضيات الجديدة الواردة في هذه الثانوية.
وبدون أن نثقل على القارئ، باستطراد إضافي، ننبه ونقترح بالمناسبة، تجديد كافة مقتضيات قانون مدونة الانتخابات رقم 9-97، أن تعمل الحكومة على إصدار قانون مستقل يشمل انتخابات أعضاء الفرق المهنية، وذلك لتحيين مقتضيات المواد المتبقية فيها (من 218 إلى 284)، وليتم هذا التحيين بمقتضى قانون عادي يدخل في روح ومضامين الدستور الجديد الذي لم ينس في الفصل الثامن منه ذكر دور الغرف المهنية، مع العلم أن القوانين المنظمة لمختلف الغرف المهنية، قد تم تحيينها على أساس أن هذا التنظيم يدخل في نطاق القانون العادي باعتبار تلك الفرق من حيث الطبيعة القانونية شخصية معنوية عامة بصفتها مؤسسات عمومية. ولم يقرر الدستور تنظيمها بقانون تنظيمي على غرار الجماعات الترابية التي ارتقى تنظيمها الى قانون تنظيمي تطبيقا للفصل (146) من الدستور،هذا الفصل الذي تولد عنه لحد الآن (في مارس 2015) أربعة قوانين تنظيمية.
لهذا، نرى من المفيد خاصة بعد تأجيل الانتخابات إلى نهاية صيف 2015، أن تضيف الحكومة في مخططها التشريعي مشروع قانون جديد يتعلق بانتخابات أعضاء مختلف الغرف المهنية تحيينا وتطويرا للمقتضيات المتبقية في القانون، الحي الميت، رقم 9-97 المتعلق بمدونة الانتخابات، ولا نُعفي الفرق البرلمانية، أغلبية أو معارضة، من العمل على تقديم مقترحات قوانين في الموضوع خلال الدورة الربيعية القادمة، «»وفي ذلك فليتنافس المتنافسون««، ونتمنى أن لا يقتصر دور أحزابنا المؤطرة للفرق البرلمانية على التنافس قبل الأوان، على شغل المقاعد المزمع انتخاب أعضائها في الجماعات الترابية أو الغرف المهنية ،أو في آخر المطاف في مجلس المستشارين الذي ينتظر الجميع تفعيل الدستور الجديد بشأنه، ليجعل حدا لمدة انتداب المجلس القائم حاليا الذي تجاوز ثلث أعضائه مدة التسع سنوات التي كان يحددها دستور 1996 لهذا، المجلس مع أن مدة انتداب مجلس المستشارين في دستور 2011 لا تتعدى ست سنوات (الفصل 63).
لكن تأويل الفصل (176) من الدستور الحالي والمتعلق بالفترة الانتقالية، أدى إلى تمديد فترة الانتداب المقررة في الفصل (63) من الدستور، هذا التأويل الذي سبق لنا أن سجلنا بخصوصه عدم اقتناعنا ولم نقبل لحد اليوم هذا التمديد لمجلس المستشارين، والذي سيصل في أكتوبر 2015، إلى تجاوز أربع سنوات بعد إقرار الدستور الحالي في 29 يوليوز 2011. وإذا ما قبلنا هذا التحديد نزولا عند إكراهات الفترة الانتقالية التي جاء بها الفصل (176) من الدستور، فإننا مازلنا لم نهضم ولم نقتنع بضرورة تمديد فترة انتداب أعضاء مجلس المستشارين الذين أنهوا مدة التسع سنوات منذ ثلاث سنوات خلت مع افتتاح مجلسي البرلمان في الجمعة الثانية من أكتوبر 2012.
لكن التأويل الذي قدمه المجلس الدستوري لمنطوق المادة (98) من القانون التنظيمي رقم 28-11 المتعلق بمجلس المستشارين وقبوله بمضمون الفقرة الأخيرة من هذه المادة والتي أطالت بالفعل مدة انتداب أعضاء مجلس المستشارين القائم حاليا الى «»اليوم السابق للتاريخ المحدد لانتخاب أعضاء مجلس المستشارين الجديد««.
وسنرجع إلى هذا الموضوع عند حديثنا عن خصوصيات المرسوم رقم 2-15-149 المتعلق بتطبيقه هذا القانون التنظيمي، في موضوع انتخاب أعضاء مجلس المستشارين يوم 2 أكتوبر 2015.
ولنتوقف عند المرتكز القانوني الثاني للمراسيم موضوع رأينا هذا، والذي يتعلق بضرورة التجديد العام للمجالس المعنية المنتخبة، بانتهاء مدة انتداب أعضائها سواء في مجالس الجماعات الترابية أو في مجلس المستشارين القائم حاليا الذي يعيش عمليا بروحين: روح الدستور 1996، وروح دستور 2011 بقوة الفصل (176) منه الذي جعلته بين الحياة عند ممارسته لاختصاصاته الواردة في دستور 2011، وبين الموت تبعا لتركيبه تبعا لدستور 1996، الذي دخل الى التاريخ بعد يوم 29 يوليوز 2011، إذ دخل تطبيق الدستور الجديد ابتداء من نشره بالجريدة الرسمية يوم 30 يوليوز 2011.
II- المرتكز الثاني: ضرورة التجديد العام لانتخابات أعضاء المجالس المعنية بعد انتهاء مدة انتداب هذه المجالس
من المعلوم أنه بالنسبة لفترة انتداب مختلف مجالس الجماعات الترابية فإنها محددة في ست سنوات بمقتضى الفقرة الأولى من المادة (2) من القانون التنظيمي رقم 59/11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية والتي تنص على ما يلي:
»»ينتخب لمدة ست سنوات أعضاء مجالس الجهات وأعضاء مجالس العمالات والأقاليم وأعضاء المجالس الجماعية وأعضاء مجالس المقاطعات««.
ونذكر، أن القانون السابق رقم 9-97 المتعلق بمدونة الانتخابات كان هو الآخر ينص في نفس الموضوع في المادة (43) على نفس المدة: ست سنوات، وبعد إلغاء تلك المقتضيات كما أشرنا الى ذلك سابقا، أصبح القانون التنظيمي رقم 59-11 هو المطبق في الموضوع، لهذا جاءت مختلف المراسيم موضوع هذا الرأي. نذكر بمختلف مواد هذا القانون التنظيمي تبعا لموضوع ومضمون المرسوم والمجالس التي يعنيها بتحديد
تلك التواريخ الواردة في مختلف هذه المراسيم
إذن فمدة ست السنوات محددة في القانون التنظيمي رقم 11 – 59 المتعلق بانتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية، والسؤال المطروح: هل يمكن لمرسوم أن يحدد هذه المدة أو يقصرها؟ لنترك الجواب عن هذا السؤال عند حديثنا عند الاقتضاء عن الاختلالات التي تشوب هذه المراسيم.
واذا كان من اختصاص المراسيم، تطبيقا لنص المادة الثالثة من القانون التنظيمي المذكور، أنه يحدد تاريخ الاقتراع والمدة التي تقدم خلالها الترشيحات وتاريخ بدء الحملة الانتخابية ونهايتها. وينشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية.
فإن من حيث المبدأ والشكل أيضا، تحديد التواريخ المذكورة بمرسوم صادر عن رئيس الحكومة وموقع بالعطف من قبل وزير الداخلية بالنسبة للمراسيم المرتبطة بانتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية لا يثير أية ملاحظات.
لكن المشكل المطروح، هو في تكون تلك التواريخ وأيامها المحددة في تلك المراسيم؟ هل قبل نهاية مدة السنوات الست؟ أو مع نهايتها؟ أو بعد نهايتها؟
أسئلة سنجيب عنها عند توضيح رأينا في إبراز الاختلالات التي تشوب هذه المرااسيم.
وقبل ذلك لابد من الوقوف عند المرتكز القانوني الثالث للمرسوم المحدد لتاريخ اقتراع انتخاب اعضاء مجلس المستشارين نظرا لخصوصياته.
III- المرتكز الثالث: تطبيق القانون التنظيمي رقم 11 – 28 المتعلق بمجلس المستشارين.
لقد تم تأخير التجديد الكامل لأعضاء مجلس المستشارين القائم حاليا وفقا لمقتضيات دستور 2015 بدعوى عدم تجديد انتخابات مجالس الهيئات التي ينبثق منها هذا المجلس.
وبالتالي تم التمديد اعتمادا على الفصل 176) من الدستور الجديد المتعلق بالفترة الانتقالية. ومع إقرار إجراء انتخابات الهيئات التي ينتخب منها مجلس المستشارين في انتخابات غير مباشرة.كان من الضروري أن تنتهي مدة انتداب مجلس المستشارين القائم حاليا ليلحق بانتخابات اعضائه يوم 2 أكتوبر 2015 ،الوضعية الدستورية الجديدة في تكوينه، ويتساوى بذلك من حيث التكوين. ما حظي به مجلس النواب بالانتخابات السابق لأوانها التي تمت يوم 25 نونبر 2011 .
هكذا، يأتي المرسوم رقم 149 -15 – 2 الصادر عليه هو الآخر في اجتماع مجلس الحكومة ليوم 26 فبراير 2015 المتعلق بانتخاب اعضاء مجلس المستشارين، تطبيقا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم 11 – 28 المتعلق بمجلس المستشارين. ولا سيما المواد الاولى و 22 و 24 منه.
ونذكر بأن المادة 22 = المشار اليها في مقدمة المرسوم المذكور تؤهل المرسوم لأن (يحدد تاريخ الاقتراع والمدة التي تقدم خلالها الترشيحات وتاريخ بدء الحملة الانتخابية ونهايتها على أساس ان ينشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية قبل تاريخ الاقتراع بخمسة وأربعين يوما«.
يظهر هنا ظاهريا. أن هذا المرسوم له سند صحيح في القانون التنظيمي رقم 11 – 28، وبالتالي فهو صحيح من حيث الشكل التنظيمي رقم 11 – 28 وبالتالي فهو صحيح من حيث الشكل. لكن من حيث المضمون، هناك عدة أسئلة مطروحة: هل التواريخ المقررة في هذا المرسوم. تقع قبل نهاية مدة انتداب مجلس المستشارين القائم حاليا؟ أو في نهايتها؟ أو بعد تمديدها؟ أسئلة تؤجل الإجابة عنها إلى حين حديثنا عن الاختلالات التي تسود هذا المرسوم هو الآخر.
وقبل الحديث عن مختلف الاختلالات التي نراها في المراسيم الأربعة موضوع تحليلنا. فنسجل أن المادة الاخيرة الواردة في كل المراسيم الثلاثة المتعلقة بانتخاب مختلف أعضاء مجالس الجماعات الترابية. تنص على أنه تنتهي في اليوم السابق لإجراء الانتخاب، مدة انتداب اعضاء مجالس الجماعات الترابية المعنية المزاولين لمهامهم في تاريخ نشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية (الجماعات الترابية القائمة حاليا).
إذن، هذه المراسيم الثلاث هي التي تنهي مدة انتداب مجالس تلك الجماعات الترابية في اليوم السابق لاجراء الانتخابات القادمة يوم 4 شتنبر 2015 بالنسبة لانتخاب كل من أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات. و في مجالس الجهات، ويوم 17 شتنبر 2015 بالنسبة لانتخاب أعضاء مجالس العمالات والاقاليم.
الاسئلة المطروحة هنا: هل تلك التواريخ. توافق نهاية انتداب مجالس تلك الجماعات الترابية؟ أو تسبق نهاية مدة ذلك الانتداب؟ أو تقع بعد نهاية تلك المدة؟
ومن جهة أخرى هل يحق لهذه المراسيم أن تنهي انتداب مختلف مجالس الجماعات الترابية في اليوم السابق للانتخابات موضوع تلك المراسيم.
وبغض النظر عن اختصاص السلطة التشريعية أو السلطة التنظيمية في تحديد أو تقليص مدة انتداب مجالس الجماعات الترابية. المقررة في ست سنوات. هل من المعقول أو المنطق أن تنتهي مدة انتداب مختلف أعضاء مجالس الجماعات الترابية في اليوم السابق لإجراء الانتخاب لهؤلاء الاعضاء؟ وبالتالي ماهو اليوم الذي يجب أن تنتهي فيه مدة ذلك الانتداب؟
نقترح ان نجيب عن هذه الاسئلة والاسئلة الاخرى المطروحة بتقديمنا وتحليلنا للاختلالات التي تظهر لنا بأنها تشوب هذه المراسيم وتمس بالتالي شرعيتها القانونية. بالرغم من مرتكزاتها القانونية الاخرى التي قدمناها في التحليل الأخير.