استمعت بعض الشيء، بقراءة مواضيع في صحف ورقية ورقمية، وتعليقات في الشبكات الاجتماعية، حول “ركوب” السياسيين على مسيرة 8 مارس، ووجدت الفكرة مسلية، خاصة وأنها اتخذت في الكثير من الأحيان طابع الجدية، بل وحملة تضليل ممنهجة من طرف البعض الذي يمتهن تبخيس الفعل السياسي.
العديد من هذه المواضيع، تحدثت بإسهاب عن حجم مشاركة أحزاب سياسية، وعدد الحافلات التي خصصت لأنصارها، نساء و رجالا، للحضور في المسيرة، لكنها في الوقت نفسه استنكرت على رؤسائها مشاركتهم في هذه التظاهرة، واتهمتهم بـ”الركوب” على قضية المرأة، واستغلالها انتخابيا.
وليست هذه هي المرة الأولى، التي تتم فيها هذه المقاربة، التي تنطلق من فهم مغلوط، يفصل نضالات “المجتمع المدني”، عن الأحزاب السياسية، ويعتبر مساهمة الأحزاب في هذه النضالات، ومشاركة زعمائها في التظاهرات والأنشطة التي تنظمها، “ركوبا سياسيا” و”استغلالا انتخابيا”… وهلم جرا من النعوت.
فكيف يتصور هؤلاء العملية الديمقراطية؟ من الواجب أن نذكر أن زعماء الأحزاب هم مواطنون أولا وقبل كل شيء، ومن حقهم المشاركة في أية تظاهرة أو نشاط في المجتمع، فهم يمارسون بذلك حقا من حقوق المواطنة، ولا يمكن لأي أحد أن يصادره، وإلا تحول الأمر إلى هضم لحرية التعبير وحق التظاهر…
أما المسألة الثانية التي ينبغي الانتباه إليها، وهي أن الأحزاب تهتم بكل القضايا المجتمعية، تعلق الأمر بقضية المرأة أو بحقوق الإنسان، أو بالبيئة، أو بالرياضة أو بالطفل…و غيرها من القضايا التي تهم المجتمع والمواطن، فهذا يدخل في صميم اهتماماتها، بل أكثر من ذلك، هي مطالبة بنهج سياسية القرب، من مشاكل الناس و مطالبهم و طموحاتهم. فهناك من يعيب على الأحزاب مدعيا عدم اهتمامها بقضايا الناسو المجتمع، وعندما تنخرط فيها وتتزعمها، تتهم ب”الركوب السياسي والانتخابي”.
المسألة الثالثة، التي يمكن اعتبارها من الأهمية بمكان، هي أن كل الإشكالات المطروحة في المجتمع، تعالج أساسا في الإطار التشريعي والتنفيذي، أي عن طريق قوانين وإجراءات إدارية وميزانيات ومشاريع… وهذا يدخل في صميم الفعل السياسي، أي هو “رجس” من عمل الأحزاب.
نعم لابد من “ركوب”، لأن البرامج الانتخابية وحملات استقطاب الفئات الاجتماعية، تتم عن طريق تبني قضاياها، وبلورتها في مقترحات ومشاريع، لترى النور في البرامج والقوانين والميزانيات. هذه هي العملية السياسية التي تمارس في البلدان الديمقراطية. غير هذا، يظل كلاما معاديا للعمل السياسي، ويصب في طاحونة العدمية والفاشية.

*عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

الجمعة 13 مارس 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…