أوجه القصور والخلل في التشريعات المغربية في ما يتعلق بحماية المرأة كثيرة ويصعب حصرها، بالنظر إلى الحيز المخصص لهذه المادة لكن لا بد من التطرق لاأهمها وأبرزها في ما يلي:
إن القوانين المغربية الآن في ظل دستور 2011 الذي عبر عن إرادة صريحة وواضحة عن ضرورة تحسين وضعية المرأة وحمايتها من كل تمييز لا ترقى إلى مستوى تطلعات المغرب لبناء مجتمع ديموقراطي، قائم على المساواة بين الجنسين. فبالنظر إلى ارتفاع نسبة العنف ضد النساء واحتلال المغرب المرتبة 133 من بين 142 دولة، فذلك يعتبر مؤشرا خطيرا على أن هناك خللا كبيرا في القوانين المغربية بسبب عدم توفير قانون إطار لمناهضة العنف ضد النساء .
إن الاستثناء المنصوص عليه في المادة 20 من مدونة الأسرة الذي يمنح للقاضي السلطة التقديرية لمنح الإذن بتزويج الفتيات دون سن الرشد القانوني، يعتبر مظهرا من مظاهر الخلل خاصة وأنه يتعارض حتى مع القوانين الوطنية الأخرى. ففي الوقت الذي تعتبر المرأة قاصرا في إبرام معاملات البيع والشراء أو الاعمال التجارية أو حتى الحق في التقاضي باسمها الشخصي لانها لم تكمل سن الرشد القانونية الذي هو 18 سنة ، نجد مدونة الاسرة وقاضي الأسرة يعتبرها امرأة كاملة قادرة على تحمل مسؤولية تدبير الشؤون الأسرية وتربية الأطفال، فما بالك بالمواثيق الدولية وعلى رأسها الاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل الذي يعتبر كل من دون سن 18 ، قاصرا.
إن الممارسة العملية والإحصائيات المتوفرة والتي تتحدث عن 30000 حالة تزويج قاصر في السنة، أفرغت روح المدونة من محتواها وكل ما حملته من إيجابيات بسبب الارتفاع المهول في نسبة تزويج القاصرات .
بالنسبة لمدونة الشغل نجدها خالية من أي مقتضى حمائي للنساء العاملات في الضيعات الفلاحية مع العلم أن عدد النساء اللواتي يعانين كثيرا بسبب الفقر والتهميش والاستغلال من طرف أرباب العمل، ومعاناتهن تعني معاناة العديد من الأسر التي تعيلها هاته النساء وغياب التدابير القانونية لحمايتهن يجعلهن يقبلن العمل في ظروف لاإنسانية وبأبخس الأجور لأنهن يشتغلن كموسميات.
وطبعا موضوع النساء خادمات البيوت وما أثاره من جدل منذ صدور مدونة الشغل الحالية وحتى المشروع المقترح الآن، لا يخلو من جدل خاصة بالنسبة للطفلات.
حتى مرسوم دعم الأرامل يحمل في طياته العديد من النقائص بالنسبة للمرأة والطفلة اليتيمة الأبوين. فهو يتحدث فقط عن الأرامل الحاضنات دون الحديث عن الأرملة بدون أطفال وكأن هاته المرأة بدون أطفال لا قيمة لها ولا دور لها ولا احتياجات لها دون أطفالها .. هذا طبعا دون الحديث عن الدعم البخس المخصص حتى للحاضنات.
أعتقد أن المطلوب من السلطات وعندما نقول السلطات المقصود هو الحكومة لأنها هي المسؤولة المباشرة عن ترجمة الإرادة السياسية والتزامات المغرب الدولية بالنسبة للمرأة ولمجال حقوق الإنسان بشكل عام، المطلوب وضع سياسة عمومية شاملة وقوانين ملموسة ومتلائمة مع التزامات المغرب الدولية في مجال حماية المرأة وإقرار المساواة، وسن القوانين من المفروض ان يكون بشكل منسجم ومتناسق وليس من خلال نصوص متناثرة فضفاضة قابلة للتأويلات، وكل ذلك طبعا يجب أن يتم بشراكة حقيقية مع المجتمع المدني.
* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الاثنين 9 مارس 2015