أقرأ، كجميع المتتبعين، ما يكتب عن الوضع السياسي في المغرب، و أكثر ما يثير استغرابي، هو تلك التعابير المتداولة من قبيل فلان أو “تيار كذا”، ” يدق “آخر مسمار في نعش” الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
وتتناسل مثل هذه التعابير، مثل “بداية نهاية الاتحاد”، “الاتحاد يحتضر”، “أزمة الاتحاد”، “الاتحاد في نفق مسدود”، وهكذا دواليك، من العناوين الكارثية، التي أصبح العديد من الذين يكتبون عن القضايا المرتبطة بهذا الحزب، يستعملونها بخفة لامتناهية.
ومما يضاعف من هذه الخفة في تناول موضوعات، تتطلب الرصانة والدقة، في الوصف والتعبير، هو تطور التكنولوجيات الحديثة، التي سمحت للكثير من الناس بالتوفر على مواقع أو جرائد إلكترونية، فأخذ العديد منهم ينقل عن الآخر، حيث تجد نفس العنوان ونفس النص، بنفس المضمون، ونفس الأخطاء، متداولا في الكثير من هذه الوسائط.
أما بعض الصحف الورقية، فإن خطها التحريري، أصبح رديفا لمعاداة هذا الحزب، حيث لا يمكن أن تقرأ فيها إلا ما هو مناهض له، سواء كان أخبارا كاذبة أو معطيات تم تشويهها أو تضخيمها، أو استجوابات أو تصريحات مع ما يسمى “بالغاضبين” عليه… أو نجد البعض يستنجد بالجمل الإنشائية مثل ميلاد “الجيل الثاني” من الأحزاب، في إطار مدحه للمنسحبين من هذا الحزب، وهلُمً جرا من أساليب ملء بياض الصفحات.
ويعرف كل طالب في الأقسام الأولى لمعاهد الصحافة، أن العمل المهني يستند الى قواعد الموضوعية والدقة والتوازن، الأمر الذي يفتقد في مثل هذه الصحف الورقية والوسائط الإلكترونية، التي لا ينشر العديد منها، إلا في اتجاه واحد، في إطار خط تحريري معاد للاتحاد.
وعلى الذين يتبنون هذا الخط التحريري، أن يرجعوا إلى التاريخ القريب، ليكتشفوا أن هناك من سبقهم إلى هذه المدرسة، في “لوجورنال”، و من كان يدور في فلك هذه التجربة، حيث كانوا متخصصين في مهاجمة حكومة التناوب، ودقوا حتى هم “مسامير” كثيرة في “نعش” الاتحاد، غير أنه تبوأ المكانة الأولى في انتخابات سنة 2002.
ودون أن نُذَكر بأن كل التنظيمات الحزبية والنقابية والجمعوية، تعيش صراعات، وأن الأمر عادي جدا، في المغرب، وفي كل بقاع العالم، ولا يمكن أن يتحول إلى “مسامير في النعش”، وإلا فإن كل الأحزاب المغربية، ستكون الآن في تابوت، حسب فلسفة هذا النوع من الصحافة، الذي لا يعمل إلا على دق مسمار حقيقي في نعش صحافة البحث والتقصي والدقة والموضوعية.

* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

2 مارس 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…