تؤكد عدد من المؤشرات المباشرة وغير المباشرة أن السنوات الثلاث الاخيرة عرفت تراجعا كبيرا للقدرة الشرائية للأسر المغربية، نتيجة لارتفاع الأسعار من جهة وجمود تام للأجور من جهة أخرى. إنها واحدة من النتائج الأولية المباشرة المنتظرة للسياسة التقشفية التي تنهجها الحكومة بإملاء تام من المؤسسات المالية الدولية، للحفاظ على التوازنات الماكروقتصادية على حساب الأسر والمقاولات.
المعطيات الإحصائية وخصوصا منها تلك المرتبطة بمؤشر الأسعار، تشير الى أنه للسنة الثالثة على التوالي يسجل المستوى العام للأسعار زيادات هامة تمس بالأساس جوانب الاستهلاك الاساسية والمشتركة بين الطبقات الفقيرة والطبقات الوسطى، خصوصا الدنيا منها والأسر الحديثة النشأة. أي المرتبطة بالمواد الغذائية والنقل والتمدرس والأكل والتطبيب والملابس. وخلاصة القول هو أن هناك ارتفاعا إجماليا لمستوى الأسعار تناهز نسبته 4,6% .
من جهة أخرى، قفز معدل البطالة من 9% إلى 9,7 %، فانتقل عدد العاطلين من 1028 ألف فرد إلى 1149ألف، وهو ما يمثل قفزة هامة لمعدل العاطلين لكل أسرة ( من 15,4 % إلى 16,2 %). يشكل عبئا إضافيا لكل أسرة ينضاف الى التآكل في قدرتها الشرائية بسبب ارتفاع للأسعار. هذا التآكل الناتج عن تزايد أعباء ارتفاع معدل العاطلين ، يقدر ب4,8 % وإذا أضفناه للتآكل الناتج عن ارتفاع للأسعار نكون أمام انخفاض حقيقي في القدرة الشرائية للفئات السابقة الذكر في حدود10,4 % خلال 3 سنوات الأخيرة.
إلى ذلك، تظهر بعض الإحصائيات غير المباشرة المرتبطة بقروض الاستهلاك لمواجهة العجز في مواجهة النفقات الجارية والأساسية، أن هناك منحى تسارعيا نحو مزيد من الاقتراض لمواجهة مصاريف الاستهلاك، حيث ارتفع هذا بنسبة 11 %.
كما يشير معدل عدم القدرة على تسديد الديون الى صعوبة كبيرة تواجه فئات واسعة من الأسر وتجعلها غير قادرة على الوفاء بديونها، حيث قفز معدل عدم القدرة على سداد الديون بنسبة 49 % خلال نفس المدة.
على مستوى آخر سبق لمندوبية الإحصاء، من خلال الأرقام المؤقتة للمحاسبة الوطنية، أن أشارت إلى تراجع كبير للقدرة على الادخار عند الأسر وهو مؤشر خطير يجب الانتباه إليه اعتبارا لدوره الهام والحاسم في الاستهلاك وتمويل الاستثمار، هذا التراجع يكون سببه بالأساس تآكل القدرة الشرائية. كما أظهرت نتائج استقراء الرأي الأخير الذي هم الأسر، والذي أجرته نفس المؤسسة الإحصائية، أن نسبة كبيرة من الأسر أقرت بعدم قدرتها على الاستمرار في مواجهة مصاريفها الأساسية وعدم قدرتها على الادخار.
مجمل هذه المؤشرات، تظهر خطورة السياسة التقشفية المملاة من الخارج والتي تنهجها الحكومة بكل تفان منذ تنصيبها. وهي السياسة التي تضرب المكتسبات الاجتماعية التي راكمتها الطبقة العاملة والطبقة المتوسطة على الخصوص في المغرب مع حكومة التناوب ، وتخلق كل شروط عدم الاستقرار الاجتماعي، وتحد من إمكانيات النمو.

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…