يتساءل العديد من المراقبين والمتتبعين للحياة السياسية المغربية، عن الأسلوب والمنهجية التي يدير بها رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، التحالف الذي يقوده. وتكمن أهمية هذا التساؤل في المواقف التي يعبر عنها، والتي تتعارض مع المشارب المعلنة، لبعض الأحزاب المشاركة في هذا التحالف.
وسيكون من الأهمية بمكان، في هذه التجربة، أن يعرف الرأي العام كيف تدار الحكومة، وكيف يحصل التنسيق بين مكوناتها، وهل يتشاور رئيسها مع زعماء الأحزاب المشاركة فيها، عندما يتخذ مواقف بشأن قضايا سياسية، أو بخصوص موقف معين من الأحزاب المعارضة، أو حول مواقفه تجاه النقابات والمنظمات النسائية، والحركة الحقوقية، وغيرها من الإشكالات التي تطرح، والتي يعبر فيها بنكيران عن مواقف معينة.
من المؤكد أن المواطنين المغاربة المهتمين بالشأن السياسي، يتشوقون لمعرفة النقاشات التي تتم بين الأحزاب المكونة للتحالف الحكومي، لأن هذا يدخل أولا في إطار الشفافية الضرورية في الممارسة الديمقراطية، وثانيا لأن هناك قضايا هزت المجتمع، ولكن الأحزاب المشاركة إلى جانب العدالة والتنمية في الحكومة ظلت صامتة، رغم أن المواقف التي اتخذها رئيسها مناقضة لخطها السياسي، ومشاربها الفكرية.
فهل هناك نقاش حقيقي داخل هذا التحالف الحكومي؟ وكيف يتم التوافق بين مكوناته، علما بأن هناك تنافرا واضحا بين الإيديولوجية والخط السياسي لحزب يساري، أو ليبرالي، وآخر أصولي، خاصة في قضايا حساسة مثل الموقف من المرأة أو من الحق النقابي، أو من الحداثة، أو من التعامل مع الحقل الحزبي، أو من استغلال الدين في السياسة، أو من جمع الأموال باسم الإحسان، واستعمالها في تمويل العمليات الانتخابية… هذه الاختلافات هي التي تعطي للبرامج والمؤتمرات والمقررات والانتماءات الحزبية، مصداقيتها لدى الرأي العام.
لا يمكن لأي حزب، أن تكون له مصداقية حقيقية، إذا كان بلا لون ولا طعم ولا رائحة. فمثل هذا النهج، هو الذي يضرب مصداقية الممارسة الحزبية، في الصميم، ويبخس الحياة السياسية، ويكرس لدى المواطنين، قولة « ولاد عبد الواحد كلهم واحد»، أي يدفعهم نحو النفور والعزوف عن المشاركة في الانتخابات.
وحسب المعطيات المتوفرة حول الطريقة التي يتعامل بها بنكيران، مع أحزاب التحالف الحكومي، فإنها تؤكد أنه يفضل عليهم التقدميين، الذين عبروا حسب وجهة نظره، عن تفهم كبير لمواقفه ومنهجه، هكذا يوزع عليهم مراتب الاستحسان، كما لو كانوا تلامذة في القسم.
الثلاثاء 17 فبراير 2015