الأصل التاريخي لمصطلح يسار: الأصل التاريخي لهذا التعبـير ان الكتلة السياسية التي تسمى”الطائفة الثالثة ” جلست على يسار مقعد رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية تعبيرا عن موقفها المعارض للملكية قبيل الثورة الفرنسية. وأصبح تقليداً غالبا أن يجلس ممثلي المعارضة في مقاعد اليسار من قاعات البرلمانات معبرين بمواقعهم المكانية عن مواقفهم السياسية من الحكومة القائمة. فان تغيرت الحكومة بدّلوا مقاعدهم فأصبح اليسار يميناً وأصبح اليمين يساراً بدون أن يبدل أحد أفكاره. وهكذا كان أقصى ما يدل عليه الموقف اليساري هو الرغبة في التغيير. تغيير الحكومة. ثم انتقل التعبير للدلالة على التغيير الاقتصادي والاجتماعي. ولما كانت النظم الاجتماعية أكثر ثباتاً وأطول عمراً من الحكومات فان الموقف اليساري من النظم القائمة لم يعد يرتبط بتغيير الحكومات مع بقاء النظام الاجتماعي بدون تغيير. وقد كان النظام الرأسمالي هو السائد في أوربا فأصبح اليسار يطلق على التيار الاشتراكي الذي بدأ في النصف الأول من القرن التاسع عشر ولا يزال يطلق عليه حتى الآن أينما كان النظام الرأسمالي هو النظام السائد. (د.عصمت سيف الدولة، نظريه الثورة العربية).

مذاهب اليسار الاسلامى:

د.حسن حنفي(مصر): ومن أهم المفكرين الذين طرحوا شعار اليسار الاسلامى المفكر المصري حسن حنفي الذى أعلن ان اليسار الاسلامى(ليس حزبًا سياسيًّا، ولا يمثل معارضة حزبية، ولا يتوجَّه ضد أحد، لأنه يرى السياسة في ثقافة الأمة ونهضتها. فالمعارك أساسًا في الثقافة وداخل وعيها [أي الأمة] الحضاري. ولا يهدف اليسار الإسلامي إلى استنفار أحد أو الاستعداء على أحد، بل يرمي إلى يقظة الأمة، واستئناف نهضتها الحديثة، وطرح البدائل أمام الناس، والاحتكام إلى جماهير الأمة، وتجاوُز الحلول الجزئية والنظرات الفردية إلى تصور كلِّي وشامل لوضع الأمة في التاريخ. (افتتاحية مجله اليسار الإسلامي، العدد الأول، 1981).كما عرف اليسار الاسلامى بأنه ( عبارة عن حركه تاريخيه جماهيريه ثقافيه حضاريه اجتماعيه سياسيه … وثقافتنا ترتكز على ثلاثة اصول أولا التراث القديم ثانيا التراث الغربي ثالثا القران الكريم ) ( حسن حنفي، اليمين واليسار في الفكر الديني، مكتبه مدبولى، القاهره ) إشكاليه المنهج الظواهراتى: وقد طرح حسن حنفي هذا الشعار تأثرا بلاهوت التحرير في أمريكا اللاتينية، لكن يجب ملاحظه ان مبدأ دعوه حسن حنفي ها تبنى المنهج الظواهراتى لهوسرل وتطبيقه في مجال الدراسات الاسلاميه ، وقد جاءت الظاهراتيه كمحاوله لتجاوز كل من المثالية والمادية بنفي اولويه الوعي او المادة، ونفى اولويه الذات او الموضوع ،والقول بالقيمة المتساوية لكل منهم فى عمليه المعرفة، غير أنها في التحليل النهائي تنحاز إلى المثالية القائلة باولويه الوعي على المادة ضد المادية القائلة باولويه المادة، كما تنحاز إلى الذاتية فتقول باولويه الذات على الموضوع، فهي لا تميز بين الوجود الموضوعي للمادة، ومعرفتنا الذاتية به، ويقول هوسرل بالشعور وهو حدس ذاتي، ويقول أيضا بان هناك مناطق في الشعور تماثل أجزاء الواقع.إذا المنهج الظواهراتى لا يصلح كأساس فكرى للاشتراكية كنظام اجتماعي اقتصادي (موضوعي)، قد طبق سارتر هذا المنهج في بداية حياته الفكرية على الوجود فأحال الإنسان الكائن نفسي متجاهلا بعده المادي الاجتماعي، ولم بتمكن من تبنى الاشتراكية إلا بعد تبنيه منهج الدياكتيك الانسانى في كتابه( نقد العقل الجدلي).

الحزب الاشتراكي الاسلامى(السودان): يحدد الحزب أسسه الفكرية في الإسلام و القومية والاشتراكية. وفيما يتعلق بالإسلام بقدم الحزب الطرح التبشيري الثوري للإسلام الذى يجدد خصائصه في التالي: أولا : نبذ الطرح الذرائعى والتبريري والاعتذارى والطائفي للدين، ثانيا: طرح الدين في صفاته الموضوعية باعتباره حاجه إنسانيه يستمد أهميته وفاعليته من فطره الإنسان ومن شريعته العالمية للبشرية جمعاء، ثالثا : هذا الطرح يحدد رسالة الامه العربية، رابعا : هذا الطرح يخترق الطائفية ويزيل حواجزها، خامسا: والمنطلق لفتح باب الاجتهاد, أما فيما يتعلق بالقومية يحدد الحزب مواقع الضعف في التيار القومي وهى أولا: انه لا يطرح الإسلام طرحا ثوريا وتبشيريا، ثانيا :ضعف الفكر الاشتراكي العلمي لدى هذا التيار، ثالثا: تخلفه عن إدراك مفهوم القومية العربية في حدودها انمتحركه. أما فيما يتعلق بالاشتراكية فيرى الحزب ان التيارات التقدمية والثورية في بلادنا تستمد نزعتها الاشتراكية من الإسلام ومن ثورتنا الكبرى ومن الثورة الاشتراكية العالمية، فالإسلام يقوم في أصوله الأولى على الإيمان بالله والحرية الفردية ووحده البشرية و احترام العمل و مساواة المراه و رعاية اليتامى والفقراء وتحريم الاستغلال والاحتكار ولسرقه..كما يرى الحزب ان مواقع النقض في التيار الاشتراكي هي :عدم تشبع التيار الاشتراكي بالوعي الاسلامى ، وضعف وعى هذا التيار بضرورة توطيد الديموقراطيه وحكم القانون، عجزه عن رؤية القضايا الاساسيه في الثورة السودانية رؤية موضوعيه تقدمه ذات أفاق قوميه)( ميثاقنا والنهوض الثوري ببلادنا ،الخرطوم 1986، طبعه ثانيه، ص 14 -34)

علي شريعتي( إيران): مفكر إيراني ولد قرب مدينة مشهد عام 1933، وتخرج من كلية الآداب بها عام 1955، ليُرشح لبعثة لفرنسا عام 1959 لدراسة علم الأديان وعلم الاجتماع ليحصل على شهادتي دكتوراه في تاريخ الإسلام وعلم الاجتماع. ، اغتيل عام 1977 قبل الثورة الإيرانية بعامين عن 43 سنة. حاول شريعتي التوفيق بين علاقة الانتماء الديني (الإسلام) والمذهبي(التشيع) للامه الايرانيه ،والمقولات البساريه عامه والماركسية خاصة ، والتي سادت في الخمسينات والستينات من القرن الماضي ، من خلال: أولا: اعاده تفسير هذه المقولات بشكل مختلف ، وعلى سبيل المثال فان مقولته في الدين الافيونى هي صياغة أخرى لمقوله مقوله كارل ماركس (الدين أفيون الشعوب) ، والتي يعيد قراءتها بشكل يختلف عن كارل ماركس الذي يعنى بها نفي الدين ، في حين أراد شريعتي بها تثوير الدين
ثانيا: تثوير الدين من خلال الحفاظ على مفاهيم الدين والمذهب،
مع إعادة تفسيرها بشكل آخر يختلف عما هو متعارف في مباحث العقائد الإسلامية وعلم الكلام والحكمة، وعلى ضوء الاجتماع السياسي ، ومبتعدا عن أبعادها الغيبية / الميتافيزيقية، فعلى سبيل المثال يقول شريعتي إن كل نص قرآني به لفظة ‘الله’ يقصد بها ‘الشعب’ فالله مع الشعب دائما وضد ثالوث الاستبداد والاستغلال والكهانة . وهكذا كان طرح شريعتي متسقا مع “لاهوت التحرير” المسيحي في أمريكا اللاتينية.

يرى العديد من الباحثين شريعتي انه لم يقم بنقد كافي للعديد من المقولات الماركسية قبل محاوله التوفيق بينها وبين الإسلام، مثلا تبنى مقوله الصراع الطبقي من خلال مقولته في الصراع القابيلى الهابيلى، في حبن ان الإسلام يجعل الصراع هو فرع والمشاركة هي الأصل بخلاف الماركسية،كما يرى العديد من الباحثين انه رغم تعرضه بالنقد لكثير من الممارسات السالبة داخل إطار المذهب الشيعي الامامى، إلا انه لم بتحرر من التعصب لهذا المذهب ليس لأنه فقط احتفظ بمفاهيم ائمه المذهب كالطوسي والطبرسي والمفيد والمرتضى والحلي كالإمامة” و”العصمة” و”الوصاية” و”الولاية” و”التقية” و”الغيبة” و”الشفاعة” …الخ مع اعاده تفسيرها كما سبق بيانه،
بل لأنه صور هذا المذهب باعتباره مذهبا ثوريا ، رغم تناقض هذا الموقف مع تبينه مقوله الصراع الطبقي ، ففي تحليله للشيعة لم بقسم المجتمع الشيعي إلى طبقه سائدة رجعيه وطبقه مسوده ثوريه – اتساقا مع مقوله الصراع الطبقي – بل جعله كلها طبقه واحده مسوده ثوريه .

الإسلاميون التقدميون(تونس) : هو تيار إسلامي عقلاني الاتجاه , أشتغل في أوساط الجماعة الإسلامية في تونس منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي في المساجد والجامعات والمعاهد التربوية , وعندما قررّ راشد الغنوشي وعبد الفتّاح مورو تحويل الجماعة الإسلامية إلى حركة الاتجاه الإسلامي في بداية الثمانينيات , عارض الإسلاميون التقدميون  وأصرّوا على الاستمرار في خطهم الإسلامي ضمن رؤيتهم الثقافية والفكرية والعقلانية .وكان هذا التيار يحمل في بدايته على ما يسمى بأقطاب السلفية القدامى والمعاصرين وأعتمد على مقولة اليسار الإسلامي , وكان هذا التيار يركّز على العقل أكثر من تركيزه على النص , وحمل الإسلاميون التقدميون على عاتقهم فكرة تجديد الإسلام وطرح كل الأشواب التي علقت به الفقهية والعقائدية والأصولية وغيرها , وذهبت هذه الجماعة إلى حدّ القول بجواز تعطيل الثوابت عندما تكون هناك ضرورة إلى ذلك ،وفي كتاب المقدمات النظرية للإسلاميين التقدميين : لماذا الإسلام , وكيف نفهمه ؟ نجد ما يلي : تبدو مجموعة الإسلاميين التقدميين أقرب إلى ما يسمى داخل الحركات الإسلامية عموما بالاتجاه التربوي أي القائلين بأسبقية تربية أفراد المجتمع الإسلامي على تجنيدهم وتجييشهم سياسيا , لهذا السبب ولخصوصيّة المسألة الثقافية في تونس كان طرح الإسلاميين التقدميين ،وكان الجورشي وهو من رموز هذا التيّار يطالب بثورة ثقافية لأنّها تمثّل عنصرا جوهريا في إعادة بناء وعي المجتمع و أن تتمّ بعد ذلك عملية إعادة هيكلة المجتمع .
ويتساءل الجورشي عن أيّهما حدث في بداية الأمر : الدولة أو المجتمع ؟ وقد أتجّه الإسلاميون التقدميون نحو ثورتهم الثقافية من خلال فهم جديد للدين , وفي نظر أحد أقطاب هذا التيار أحميدة النيفر فانّ المسألة السياسية مسألة هامة ولكنّها لم تعد لها الأولويّة أصبحت مشكلة إعادة قراءة الفكر الديني هي التي تحتّل المركز الأول . ويحددّ الإسلاميون التقدميون منهجهم في التجديد الثقافي والإسلامي باعتماد العقل وسيلة في فهم النصوص المقدسّة من كتاب وسنّة دون الوقوع في الحرفيّة أو النصيّة, ويعتمدون على الاجتهاد كمنهج نحو تحقيق التجديد المنشود.

المواقف المتعددة من اليسار الاسلامى:

د.مصطفى محمود: تعرض تيار اليسار الاسلامى للنقد من جهات عده، حيث اعترض عليه عدد من الكتاب باعتباره محاوله فاشلة للتوفيق – او التلفيق – بين الماركسية والإسلام أهمهم الدكتور مصطفى محمود في كتابه( أكذوبة اليسار الإسلامي) عام 1978م ، ثم محسن ألميلي في كتابه( ظاهرة اليسار الإسلامي ) ( مطبعة تونس-قرطاج – أكتوبر ،1983)،و عبد السلام البسيوني في كتابه ( اليسار الإسلامي خنجر في ظهر الإسلام ) … وقد ساهم في تأكيد هذا النقد -على محدودية مجاله- ان بعض الكتاب الذين رفعوا شعار اليسار الاسلامى انطلقوا فكريا من محاوله التوفيق بين الماركسية والإسلام او تطبيق المنهج الماركسي في مجال الدراسات الاسلامبه، كما عند خليل عيد الكريم في كتابه (الأسس الفكرية لليسار الاسلامى) وغيره من الكتب ، وهى محاوله نجد مثيل لها عند عدد من الكتاب الماركسيين كحسين مروه في كتابه( النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلاميه ).

د, حسن حنفي: وقد نقل د. حسن حنفي بعض الاعتراضات الرئيسية علي اليسار الاسلامى وحاول الرد عليها ،من هذه الاعتراضات: انه ليس في الإسلام يسار ويمين، الإسلام دين واحد … وبرد على هذا الاعتراض بقوله (وهذا صحيح نظراً، ولكنعملاً تتعدد القراءات والممارسات الإسلامية).وان اليسار الإسلامي نزعة تلفيقية -كما سبق بيانه-… وبرد على هذا الاعتراض بقوله (والحقيقة أن هذه الشبهة إنما تنتج من عقلية الاستقطاب بين مطلبين كلاهما صحيح، القديم والجديد، الماضي والحاضر، التراث والمعاصرة). وان اليسار الإسلامي تيار تغريبي يقلد “لاهوت التحرير” في المسيحية خاصة. وبرد على هذا الاعتراض بقوله (والحقيقة أن اليسار الإسلامي استئناف لحركات الإصلاح التي أسسها الأفغاني وإقبال)(د. حسن حنفي- الثلج المقلي، الاتحاد الإماراتية).

د.نصر حامد أبو زيد: كما قام الكاتب المصري نصر حامد ابو زيد بنقد خطاب اليسار الاسلامى عند حسن حتفي حيث يرى ابتداء أن إرهاصات حركة “اليسار الإسلامي” ترجع إلى “كتابات سيد قطب في أوائل الخمسينات، خاصة في “معركة الإسلام والرأسمالية” و “العدالة الاجتماعية في الإسلام”، كما نجدها في “اشتراكية الإسلام” لمصطفى السباعي، أحد أقطاب الأخوان المسلمين في سورية. كما يرى ان هذه الإرهاصات تمثل امتداداً طبيعياً للتأويل العقلاني للإسلام الذي طرحه كل من الأفغاني ومحمد عبده استجابة للتحدي الحضاري الذي طرحه الآخر “الغربي” من جهة، واستناداً إلى التراث العقلاني للمعتزلة وابن رشد من جهة أخرى”. لكنه يرى أن هذا التيار العقلاني لم يدم طويلاً، وظل على هامش الثقافة العربية الحديثة والمعاصرة بوجه عام وعلى هامش الفكر الديني بوجه خاص…ويجمل أبو زيد خصائص خطاب اليسار الإسلامي، التي تقبع في أساس إخفاقه أو محدودية مردودة التنويري، في ثلاث هي: أولا: سعيه إلى “التوفيق بين أطراف لم ترصد جوانب الخلاف أو الاتفاق بينها بدقة ( علم الكلام ألمعتزلي وعلم الكلام الأشعري).ثانيا: يجمد الحاضر في إسار الماضي، ويجعله خاضعاً له ولمعطياته خضوعاً شبه تام. ثالثا: يتجاهل السياق التاريخي / الاجتماعي للتراث (علم الكلام)، ويعامل معه بوصفه بناء شعورياً مثالياً مفارقاً لزمانه ومكانه، رغم نشأته منهما.فتحول “هدف “إعادة البناء” إلى إعادة طلاء، وتحول التجديد إلى تجاور بين القديم والجديد، ووقع المشروع كله في التلوين بقدر ما تباعد عن التأويل”. بيد أن أبو زيد الذي يرصد تناقضات الخطاب اليساري أو نقائضه لتوكيد طابع التوفيق والتلوين، ينوه بالجهد الواضح في تأويل العقائد، ولا سيما عقيدة الإلوهية وقضية الوحي وجعل الواقع وسطاً بين العقل والنقل ومرجعاً لهما، ويأخذ على هذا الخطاب تردده وعدم قدرته على حل الإشكالية التي صنعها هو نفسه لدى الحديث عن الماضي المنتصر من جهة وتأسيس العقائد على مفهوم “الاغتراب” من جهة أخرى. ..(د. نصر حامد أبو زيد، نقد الخطاب الديني، سينا للنشر، القاهرة، 1992).

د.عصمت سيف الدولة: اما د.عصمت سيف الدولة فيرى ان مصطلح اليسار من المصطلحات الدارجة والفاسدة معا ( لأن اليسار واليمين لا بد أن ينسبا إلى اتجاه ثابت، فهذا على يساره وذلك على يمينه كما كانت مواقع المعارضة تنسب إلى منصة رئاسة المجالس، إلا انه لم يكن ثمة ضرر في استعمالها على دلالتها الدارجة . فالاشتراكيون يسار تقدمي والرأسماليون يمين رجعي. ولكن العبث اللفظي لم يلبث ان أصبح غطاء للعبث السياسي عندما انقطعت صلة اليسار بالتقدمية. وقد انقطعت تلك الصلة في موضوعين . الموضوع الأول عندما أصبح اليسار بالنسبة لمشكلة محددة هو اليسار بالنسبة للواقع الاجتماعي ككل. فاليسار الفرنسي مثلاً ظل يساراً حتى وهو يشن علينا في مصر والجزائر حرباً استعمارية… وفي عدد خاص من مجلة ” الأزمنة الحديثة ” جمع سارتر كلاماً كثيراً ممن قيل أنهم يمثلون اليسار العربي واليسار الإسرائيلي فأصبح بعض الإسرائيليين يساراً على الأرض التي اغتصبوها وشردوا أهلها . الموضوع الثاني: عندما أصبح اليسار لا يحدد موقف القوى من الواقع و لكن الموضوعي يحدد مواقفها فيما بينها. فتعدد اليسار وتعدد اليمين وأصبح لكل يسار يمين ويسار، ولكل يمين يسار ويمين… الخ) . وبأخذ الدكتور عصمت سيف الدولة على التيار الاشتراكي الاسلامى انه لم بكن فعلا (اجتهاد في الفكر الاسلامى او الاشتراكي) بل رد فعل( دفعا للفكر الماركسي) يقول (ودخلت ساحة الحوار حول الاشتراكية جماعه من المثقفين في الدين ، تحاول إرجاع المقولات في الفكر الاشتراكي إلى منطلقات دينيه، فانشات بدخولها تيار يحمل شعار اشتراكيه الإسلام او الاشتراكية الاسلاميه، وهو تيار لم يولد أصلا، بمعنى انه لم يكن اجتهادا في الفكر الاسلامى، ينميه ويضيف إليه ليواجه مشكلات الحياة في هذا العصر، بل كان دفعا للفكر الماركسي ودفاعا ضد منطلقاته المادية، فتحددت طبيعته منذ مولده، فهو ليس اجتهادا مبدعا في النظام الاشتراكي، بل هو حوار معاد في الفلسفة الميتافيزيقية…(نظريه الثورة العربية، ج 2، ص156). كما يرفض د.عصمت مصطلح الإسلام المستنير ، وان كان لا يرفض وصف المذاهب الاسلاميه بالمستنيرة ( ومن أشكال مناهضة الإسلام بالعروبة ، نفاقا ، تفضيل بعضهم ” الإسلام المستنير ” والإشادة به والدعوة إليه . كأن ثمة إسلاميين أحدهما مستنير يشهرونه والآخر مظلم لا يشيرون إليه. أما مصدر الضوء الذي وقع في ظنهم أن قد وقع على ” إسلام ” فاستنار واحتجب عن ” إسلام ” فأظلم، فهو أفكارهم وما يشتهون . فخلاصة موقفهم من الإسلام أن تحل أفكارهم محله في حياة الأمة العربية. ولو أنصفوا أنفسهم لتحدثوا عن الاستنارة والإظلام في المذاهب والآراء واجتنبوا الإسناد إلى الإسلام. وأن يكونوا مسلمين على مذهب يرونه مستنيراً فعليهم أن يقدموه مذهبا على مسؤوليتهم في الصواب والخطأ ، ولا يقدموه على أنه الإسلام المستنير بما يترك مجالا للظن بأن ثمة إسلاما غير مستنير )(عن العروبة والإسلام، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1986)

خلاصة

يعرف اليسار الإسلامي نفسه بأنه ( عبارة عن حركه تاريخيه جماهيريه ثقافيه حضاريه اجتماعيه سياسيه … وثقافتنا ترتكز على ثلاثة أصول أولا التراث القديم ثانيا التراث الغربي ثالثا القران الكريم ) ( حسن حنفي، اليمين واليسار في الفكر الديني) فهم و حسب زعمهم تيار إسلامي عقلاني قد أخذوا على عاتقهم فكرة تجديد الإسلام وطرح كل الشوائب التي علقت به الفقهية والعقائدية والأصولية وغيرها , وذهبت هذه الجماعة إلى حدّ القول بجواز تعطيل الثوابت عندما تكون هناك ضرورة إلى ذلك ،فتبدو مجموعة الإسلاميين التقدميين أقرب إلى ما يسمى داخل الحركات الإسلامية عموما بالاتجاه التربوي أي القائلين بأسبقية تربية أفراد المجتمع الإسلامي على تجنيدهم وتجييشهم سياسيا , لهذا السبب ولخصوصيّة المسألة الثقافية في تونس كان طرح الإسلاميين التقدميين بعيدا عن السياسة على خلاف التيارات الاخوانية –السلفية ذات المرجعية القطبية و المودودية التي ركزت على مسألة الحاكمية (مفهوم مركزي في أطروحات الإسلام السياسي) و همشت الجوانب التربوية في سعي محموم إلى الاسلمة الكلية عبر الطرح الانقلابي السياسوي .
*عن ملتقى ابن خلدون للعلوم والفلسفة والادب

‫شاهد أيضًا‬

باب ما جاء في أن بوحمارة كان عميلا لفرنسا الإستعمارية..* لحسن العسبي

يحتاج التاريخ دوما لإعادة تحيين، كونه مادة لإنتاج المعنى انطلاقا من “الواقعة التاريخ…