«مراسلون بلا حدود» تضع المغرب في المرتبة 130
يمكن التصنيف العالمي لحرية الصحافة لمنظمة مراسلون بلا حدود من تحديد وضع 180 دولة نسبيا و ذلك بالنظر لأدائهم في مجال التعددية, استقلالية وسائل الاعلام و احترام سلامة و حرية الصحفيين
في أعلى قائمة التصنيف العالمي لحرية الصّحافة لسنة 2015 نجد مثلما هو الحال في كثير من الأحيان ثلاث دول اسكندنافيّة وهي فنلندا الأولى منذ خمس سنوات، النرويج و الدنمارك.
في الطّرف الآخر من التصنيف، نجد أسوأ الحالات في التركمانستان، كوريا الشّماليّة و إرتريا الّتي تحتلّ المرتبة 180 على 180.
تحتلّ فرنسا المرتبة 38 (+1) ، الولايات المتّحدة في المرتبة 49 (-3) ، اليابان (61) (-2) ، البرازيل ( 99) (+12) ، روسيا (152) (-4) ، إيران في المرتبة (173) (مستقرّة) و الصّين (176) (-1).
يُظهر التصنيف العالمي لمنظمة مراسلون بلا حدود مدى التدهور العام الذي شهدته حالة حرية الإعلام في 2014. فسواء كان ذلك بسبب الصراعات أو التهديد المتزايد الذي تشكله الجهات غير الحكومية أو الانتهاكات المرتكبة خلال المظاهرات أو الأزمات الاقتصادية والمالية، فإن وضعية حرية الصحافة شهدت تراجعاً في جميع القارات الخمس. ومن خلال استعراض تحليلي موزع على ستة مواضيع، تشرح المنظمة المعنية بالدفاع عن الصحفيين أسباب هذا الانخفاض المقلق.
تُقدم مراسلون بلا حدود مؤشرات تحمل في طياتها حقائق لا غبار عليها. فقد شهد عام 2014 تقهقراً مهولاً على مستوى حرية الإعلام، حيث كان سِجل ثلثي الدول الـ180 التي يشملها تصنيف 2015 أسوأ من أدائها في النسخة السابقة، إذ وصل المؤشر السنوي الذي يعكس شدة الانتهاكات ضد حرية الإعلام في العالم إلى سقف 3719 نقطة، أي بزيادة قدرها 8٪ مقارنة مع عام 2013 وما يقرب من 10٪ منذ عام 2012، علماً أن هذا التراجع يشمل جميع القارات دون استثناء.
إذا كانت منطقة الاتحاد الأوروبي – البلقان لا تزال في الصدارة بفارق كبير عن البقية، رافعة رصيدها إلى 18.6، فإنها سجلت في المقابل أكبر تدهور بين نسختي 2014 و2015، في خطوة مقلقة تعكس ظاهرة ذات مستوي انزلاقات بعض الدول الأعضاء من جهة، وعدم قدرة الآليات الأوروبية على وضع حد لها، من جهة أخرى. أما منطقة شمال أفريقيا – الشرق الأوسط، فتتذيل ترتيب احترام حرية الإعلام، بعدما شهد هذا العام ظهور “ثقوب سوداء” على المستوى الإعلامي، حيث أصبحت مناطق بأكملها تحت سيطرة جماعات غير حكومية لا وجود لإعلام مستقل في الأراضي التابعة لها.
التطورات الكبرى في عام2015
التراجع
شهدت السنة المنصرمة هبوط كثير من دول أوروبا الغربية في جدول الترتيب، حيث فقدت إيطاليا (73) 24 مركزاً بعد سنة صعبة على الصحفيين الذين عاشوا تحت وقع تهديدات المافيا والدعاوى القضائية المجحفة بتهمة التشهير. أما أيسلندا (21، -13) فقد دفعت ثمن تصلب العلاقات بين السياسة والإعلام، لكن سقوطها هذا قد يشكل تحذيراً لبقية دول “النموذج الديمقراطي”.
وفي أمريكا الجنوبية، خسرت فنزويلا (137) أكثر من 20 مرتبة، حيث يطلق الجيش الوطني البوليفاري النار عمداً على الصحفيين خلال المظاهرات رغم إظهار هويتهم بشكل واضح للعيان. وفي المقابل، سرعان ما انكشفت شوائب قانون الاتصالات الذي طال انتظاره في الإكوادور (108، -13)، حيث أصبح تصحيح المعلومات بشكل قسري طريقة سهلة لفرض الرقابة.
أما الصحفيون في ليبيا (154، -17) فإنهم يقفون شاهدين على حالة من الفوضى العارمة، حيث أحصت مراسلون بلا حدود سبعة اغتيالات و37 عملية اختطاف في صفوف الفاعلين الإعلاميين منذ سقوط القذافي قبل ثلاث سنوات. وأمام موجة العنف الجارف، لجأ أكثر من أربعين صحفياً إلى الفرار من البلاد خلال عام 2014، إذ بات مجرد تغطية أنشطة الميليشيات التي تتنازع على السلطة عملاً بطولياً في حد ذاته.
من جهته، ينساق جنوب السودان (125، -6) في دوامة أشبه ما تكون بالحرب الأهلية كما ينزلق نحو حافة الاستقطاب المتطرف وما يترتب عنه من تضييق على وسائل الإعلام، مما أدى به إلى التراجع في سلم الترتيب. وكانت مراسلون بلا حدود قد أشارت في تقرير أصدرته شهر يوليو\تموز 2014 بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لقيام هذه الدولة الفتية أن حرية الصحافة معلقة في البلاد إلى أجل غير مسمى “بسبب النزاع”.
وفي الشرق الأوروبي، ظلت روسيا (152، -4) وفية لخطها التنازلي مواصلة تراجعها في التصنيف بعدما شدد الكرملين قبضته على الصحفيين الناقدين أكثر من أي وقت مضى، ليبدأ بجدية التخطيط لفرض الرقابة على الشبكات الاجتماعية، ناهيك عن سلسلة الإغلاقات التي طالت مواقع إخبارية إلكترونية وموجة الطرد في صفوف الصحفيين ضمن عملية “استعادة السيطرة” على وسائل الإعلام المستقلة.
وبدورها، شهدت منطقة القوقاز حصيلة مروعة يعكسها رصيد أذربيجان (162، -2)، أكبر سجن أوروبي للعاملين في حقل الإعلام، حيث سجلت البلاد أكبر انخفاض في الأداء العام من بين الدول الخمس والعشرين التي تتذيل الترتيب. فقد شنت السلطات حملة غير مسبوقة لقمع الأصوات الناقدة التي تعالت في أوساط المجتمع المدني الأذربيجاني منذ صيف 2014. وبينما زُج بالصحفيين في السجون، لجأت الحكومة إلى إغراق الصحف المستقلة في أزمات مالية خانقة من خلال غرامات مجحفة، بينما يخضع قطاع السمعي-البصري لهيئة تنظيمية منحازة للجهات الحاكمة، التي تسيطر أيضاً على سوق الإعلانات.
وعلى صعيد الولايات المتحدة، استمر تقهقر الولايات المتحدة (49، -3) خلال عام 2014 الذي تميز بحملة الضغط والتضييق على صحفي جريدة نيويورك تايمز، جيمس رايزن، الذي تلقى استدعاءً رسمياً للكشف عن مصادره. وبينما تراجعت إدارة أوباما عن نواياها الأولية في هذه القضية، فقد واصلت حربها ضد وسائل الإعلام في عدد من القضايا الأخرى، بما في ذلك ويكيليكس.
الارتقاء
في أوروبا، استمرت جورجيا (69، +15) في الارتفاع الذي بدأته في نسخة 2014، مستفيدة من الإنجازات التي تحققت بفضل عملية التحول السياسي في أعقاب انتخابات 2012 و2013.
من جهتها، ارتقت كوت ديفوار (+15) إلى المركز 86 مواصلة إفلاتها من عنق الزجاجة بعد الأزمة السياسية والاجتماعية التي أغرقت البلاد في حرب أهلية عام 2010. ومع ذلك، فإن التناقض مازال يطبع الوضع العام في بلد ينتظر تحرير القطاع خلال عام 2015، ناهيك عن المخاوف بشأن الرقابة المؤسسية.
وفي المقابل، حققت نيبال (105) زيادة بما لا يقل عن 15 درجة بعد تراجع عنف الشرطة ضد الصحفيين، خصوصاً خلال المظاهرات، وإن كان من الضروري انتظار حصيلة عام 2015 للحكم على هذا التحسن.
أما تونس (126)، وإن صعدت سبع مراتب في السلم العالمي، فإن ارتقاءها يبقى نسبياً بما أن البلاد ظلت تراوح مكانها على مستوى الأداء العام. ومع ذلك فإن استقرار الوضع السياسي خلال سنة 2014 انعكس بشكل إيجابي على أنشطة وسائل الإعلام، ولو أن عدد الاعتداءات ضد الصحفيين مازال مرتفعاً للغاية في ظل البطء الذي يميز عملية سن القوانين التي من شأنها أن تحمي حرية الصحافة.
وعلى صعيد آخر، تمثل البرازيل (99، +12) مصدر ارتياح نسبي، بعدما قفزت إلى نادي المائة الأوائل – ذي الطبيعة الرمزية – مستفيدة من حصيلة سنوية أقل عنفاً من العام الماضي، حيث قُتل صحفيان هذه المرة مقابل خمسة في الفترة التي شملها التصنيف السابق.
وفي القارة الأمريكية دائماً، ارتقت المكسيك (148) بشق الأنفس محققة زيادة بأربعة مراكز. بيد أن شهر نوفمبر\تشرين الثاني، الذي لا يدخل ضمن فترة تصنيف 2015، فقد شهدت أعمال عنف ضد الصحفيين خلال المظاهرات المتعلقة باختفاء 43 طالباً في ولاية غيريرو. وإجمالاً، أحصت مراسلون بلا حدود ثلاث قتلى في صفوف الصحفيين فوق الأراضي المكسيكية خلال عام 2014، حيث ثبتت صلة مباشرة بين دوافع اغتيالهم وعملهم الإعلامي، بينما شهد عام 2013 اثنين من الصحفيين.
تصنيف 2015: أسباب التراجع المقلق
سواء تعلق الأمر بأوكرانيا أو سوريا أو العراق أو بقية بلدان الشرق الأوسط، فإن عام 2014 شهد العديد من النزاعات في مشارق الأرض ومغاربها، حيث شنت جميع الأطراف المتناحرة – دون استثناء – حرباً إعلامية بلا هوادة عبر الدعاية تارة والتعتيم تارة أخرى. فقد باتت وسائل الإعلام هدفاً من الأهداف الاستراتيجية، إذ سقطت ضحية الهجمات والاعتداءات وحملات تكميم الأفواه.