أعلنت الحكومة عن تأجيل الانتخابات الجماعية، و انتخابات الجهة، التي كان مقررا تنظيمها، في شهر يونيو من السنة الجارية، إلى شتنبر المقبل، و عزت سبب هذا التأجيل، إلى طلب المعارضة. فهل هذا المبرر صحيح؟
أولا، لا بد من تأكيد أمر جلي، و هو أن حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (معارضة)، لم يطلب التأجيل، كما ادعى وزير العدل، مصطفي الرميد. فقد كان الكاتب الأول لهذا الحزب، إدريس لشكر، واضحا في الاجتماع الذي ضم الرميد والوزيرين المكلفين بحقيبة الداخلية، بالإضافة إلى مسؤولين من أحزاب أخرى، حيث أعلن أن حزبه لا يطلب التأجيل.
ثانيا، و هذا هو الأهم، هل كانت الحكومة جاهزة لتنظيم هذه الانتخابات في الآجال التي كان رئيس الحكومة أعلن عنها، سابقا ؟
من اللازم أن نسجل أن هذا الإعلان السابق عن موعد الانتخابات الجماعية، جاء فقط بعد أن ألحت المعارضة على الحكومة في السؤال، و انتقدتها على التأخير، خاصة و أن تنظيم هذه الانتخابات، بالإضافة إلى ضرورتها في حد ذاتها، فهو يدخل أيضا في معضلة تفعيل الدستور، الذي ينص على تركيبة جديدة لمجلس المستشارين، و التي لا يمكن أن تتم دون هذه الانتخابات الجماعية و المهنية.
و رغم أن هذا الإعلان عن الموعد الأول، كان قد تم في السنة الماضية، إلا أن الحكومة نسيت أن تقرا الفصل 63 من الدستور، الذي ينص على ضرورة تمثيلية المنظمات المهنية، للمشغلين، في هذا المجلس. لكن لا يوجد لحد الآن أي قانون ينظم هذه التمثيلية. و من المؤكد أن الحكومة الآن، بعدما ذكرتها المعارضة به، ستقوم بطبخه باستعجال.
ثم هل يعقل أن تنظم انتخابات الجهة و الجماعات، في يونيو، و ما زالت هناك قوانين مرتبطة بهذه الهياكل، لم تخضع لمسطرة المصادقة لحد الآن، و من المفترض أن تأخذ وقتها الكافي، في البرلمان، سواء لاحترام الآجال القانونية المنصوص عليها، و أيضا لأهميتها.
و المصيبة هي أن إشكالية هذه القوانين طرحت منذ الولاية التشريعية الأولى، حيث كان واضحا أن ملاءمة تركيبة مجلس المستشارين مع الدستور الجديد، تتطلب تنظيم هذه الانتخابات والتحضير لها، و ها هي الحكومة، في الولاية التشريعية الرابعة، مازالت تترنح في عرضها للمصادقة
الحكومة لم تكن جاهزة، لتنظيم هذه الانتخابات، وما نسب التأجيل للمعارضة، إلا محاولة للحفاظ على ماء الوجه، لرئيس حكومة، قضى الجزء الأكبر من ولايته في محاربة حقوق النساء و الشغيلة و الشباب … و التدخل في شؤون الأحزاب الأخرى، و تبخيس العمل السياسي، والمؤسسة التشريعية، و كان آخر فصل في هذا المسلسل الرديء، هو التفوه بكلام غير لائق.
الاثنين 9 فبراير 2015