رويترز
عن موقع الف بوست
الاحد 14 ابريل 2013
تناقش كبيرة المحاضرين في الدراسات السياسية بجامعة أوكلاند في نيوزيلندا دور النظرية السياسية في المساعدة على فهم أسس المقولات السياسية وكيف تتسع المسافة أحيانا بين هذه الأسس أو الرؤى النظرية وتطبيقاتها العملية.
وتختبر كاثرين سميتس مقولات مثل الحريات الشخصية والمساواة بين الجنسين وانتهاك سيادة الدولة في ضوء التجربة التاريخية والسياسية فتسجل مثلا أن مبدأ الدولة ذات السيادة “مقدس في ميثاق الأمم المتحدة” الذي يسمح للدولة باستخدام العنف في حالة الدفاع عن النفس.
فماذا لو اعتدت الحكومات على مواطنيها أو قصرت في حمايتهم.. هل تتمتع الدولة في هذه الحالة بحماية السيادة.. وهل يمكن تبرير التدخل العسكري بحجج إنسانية منها منع الطغاة عن الإساءة إلى المواطنين؟
وتجيب في كتابها (تطبيق النظرية السياسية.. قضايا ونقاشات) قائلة إن القانون الدولي يعترف بمثل هذا التدخل “باعتباره استثناء محدودا جدا… لكن البعدين السياسي والأخلاقي للتدخل أكثر تعقيدا” إذ تم تبرير التدخل الاستعماري الغربي في آسيا وإفريقيا في القرن التاسع عشر بادعاء حاجة السكان للحماية من الطغاة المحليين.
وتضيف أن الزعيم النازي أدولف هتلر برر غزو تشيكوسلوفاكيا قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية بحجة حماية الأقلية الألمانية في زوديتنلاند من انتهاك حقوقها الإنسانية كما تم تبرير “غزو العراق بواسطة الولايات المتحدة وحلفائها” عام 2003 بتحرير الشعب العراقي من طغيان الرئيس السابق صدام حسين.
إلا أنها تضرب مثالا بما يمكن اعتباره ازوداجية أو نفاقا سياسيا منذ نحو مئة عام إذ “دفعت المذابح التركية ضد الأرمن إلى توجيه النداءات الدولية من أجل التدخل الإنساني وهي التي تجاهلها الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون (الذي حكم بين عامي 1913 و1921) حرصا منه على عدم الإضرار بالعلاقات الدبلوماسية مع تركيا.”
والكتاب الذي يقع في 507 صفحات كبيرة القطع ترجمه إلى العربية المترجم المصري أحمد محمود وأصدره المركز القومي للترجمة في القاهرة ويتناول قضايا منها (كيف ينبغي توزيع الموارد) و(هل ينبغي للدولة منع الإجهاض والقتل الرحيم) و(هل ينبغي تقييد الحريات المدنية استجابة لخطر الإرهاب) و(هل ينبغي للبلدان الغنية تقديم المزيد من المساعدات الخارجية).
وفي فصل عنوانه (هل من حق ثقافات الأقليات الحصول على الاعتراف والحقوق) ترجح سميتس أن تكون مطالب ثقافات الأقليات في الديمقراطيات الغربية ملمحا متواصلا للمشهد السياسي في ظل التعددية العرقية المتزايدة التي أثارت جدلا حول قضايا منها الحجاب في فرنسا التي أصدرت عام 2004 قانون حظر “ارتداء كل الرموز الدينية الواضحة في مدارس الدولة” ويشمل الحجاب الإسلامي والقلنسوة اليهودية والصلبان المسيحية والعمائم السيخية.
وتقول سميتس إن الحرية الفردية من أبرز هموم الفلسفة السياسية منذ دافع مفكرو القرنين السابع عشر والثامن عشر “لأول مرة صراحة عن الحريات الفردية في مواجهة الدولة والكنيسة” وأن هناك شكلين من الحرية أولهما الحرية السلبية وتعني تحرير الفرد من القيود ثانيهما الحرية الموجبة وتعني تحرر الفرد لتطوير قدراته ليصبح مؤهلا لوضع القوانين.
وترى أن المساواة من الأفكار الأساسية للنظرية السياسية الحديثة وتسجل قول بعض الليبراليين أن دور الدولة هو “تقديس الحريات المتساوية والحقوق المتكافئة في القانون” أما التفاوت بين المواطنين فيرجع إلى التفاوت الطبيعي في المواهب والقدرات الفردية.
كما تسجل مقولة أطلقها عام 1910 الكاتب الفرنسي أناتول فرانس (1844-1924) الحاصل على جائزة نوبل في الآداب عام 1921 نصها “يمنع القانون بمساواته المهيبة الأغنياء والفقراء على السواء من النوم تحت الكباري (الجسور) والتسول في الشوارع وسرقة الخبز.”
وتقول إن القوانين لا تكون دائما العائق في طريق المساواة إذ يمثل السياق الاجتماعي والثقافي أحيانا نوعا من الانحراف عن المساواة.. فالنظام الأبوي “وهو الشكل الأولي للاستغلال البشري” يمنع مساواة النساء بالرجال رغم المساواة في نص القانون.
وتستشهد بالدستور الأمريكي الذي “كان يضمن للأمريكيين الأفارقة المساواة في ظل الفصل العنصري” إلا أن ذلك لم يمنحهم المساواة مع السكان البيض
…