إننا ندرك في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية, أن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة ، تختلف عن سابقاتها من حيث اندراجها في سياق عهد دستوري جديد. ومن أجل بناء الثقة العامة في العملية الانتخابية، فإنه كان على الحكومة التجاوب مع مقترحات المعارضة فيما يتعلق بإحداث الهيأة الوطنية المستقلة للإشراف على الانتخابات ومراقبتها، تفاديا للانتقادات التي تشكك في نزاهة الانتخابات.
كما أكدنا على أهمية اعتماد بطاقة التعريف الوطنية للمراجعة الشاملة للوائح الانتخابية ، لتكون عاكسة للساكنة الحقيقية، مع مطابقتها مع مكاتب التصويت المقابلة لها.
واقترحنا تحديد يوم الاقتراع وسط الاسبوع بدل يوم الجمعة ، وتحديد شهر معين من السنة ملائم لإجراء الاستحقاقات الانتخابية بكيفية دورية وعادية للحفاظ على التراكم المتوفر لإعداد وتنظيم الانتخابات .
وعلى عكس ما كان منتظرا ، فإننا نسجل بكل أسف مسلسلا من التراجعات نلخصها في المؤاخذات التالية.
1 – غياب منهجية تشاركية حقيقية ومنتجة، لبلورة توافق وطني حول الاصلاحات المرتقبة طبقا لنص وروح الدستور، وبما راكمته الحكومات المتعاقبة منذ عهد حكومة التناوب التوافقي . فالحكومة الحالية اختارت المقاربة الأحادية الجانب، مصحوبة بمشاورات شكلية وجزئية.
2 – إن تأسيس وتفعيل مايسمى باللجنة المركزية لتتبع الانتخابات ولجانها الجهوية والإقليمية جاء خارج المشاورات السياسية ، ودون وجود تعليمات ملكية صريحة بشأن إحداثها، ودون وجود إطار قانوني يوضح تأليفها واختصاصاتها وعلاقاتها باللجان الإدارية ولجان الفصل والإحصاء المنصوص عليها في القوانين الانتخابية الحالية، مما يؤكد سياسة الأمر الواقع والتدبير المرتجل.
3 ? إن الإقبال الضعيف على مكاتب التسجيل وخاصة على مستوى نقل القيد، وعدم الأخذ بعين الاعتبار التحولات والتنقلات التي عرفتها معظم المناطق ، يمس من صدقية اللوائح الانتخابية، لهذا ندعو وباستعجال لاتخاذ كامل الإجراءات لوضع لوائح انتخابية سليمة .
4 – أما المضامين الأساسية للمشاريع الحكومية المتعلقة بالجماعات الترابية، فقد تضمنت تراجعات جوهرية وخطوة إلى الوراء :
– أولا، تقليص صلاحيات واختصاصات المجالس الجماعية خاصة الذاتية، مما يضعف دور الجماعات المحلية وتدخلاتها في مجالات حيوية اجتماعية وثقافية ورياضية ، وإذا كنا نسجل أهمية الاختصاصات القابلة للنقل لأنها تطال معظم المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتجهيزية … لكن نقلها بناء على مبدأي التدرج في الزمان والتمايز في المكان بدون معايير واضحة ، وبدون جدولة زمية مناسبة، يفرغ العملية من مضمونها.
– ثانيا، إذ نسجل بإيجاب جعل القضاء بمثابة السلطة الوحيدة المخولة لها بالبت في حالات التنازع وحل المجلس وعزل الأعضاء وإعمال سلطة الحلول، لكن تقوية سلطة الولاة والعمال، وضعف تغطية المحاكم الإدارية لكافة التراب المغربي، واعتماد مقتضيات جديدة تشدد المراقبة بشكل غير مسبوق على رؤساء المجالس الجماعية وأعضائها، قد تحد من مبدأ التدبير الحر الذي أناطه الدستور بالمجالس المنتخبة.
– ثالثا اعتماد المشاريع المقترحة على أسلوب جديد لانتخاب أجهزة المجالس الجماعية يضعف الشرعية المستمدة من الإقتراع المباشر ويكرس تهميش دور المعارضة والأقليات على مستوى الأجهزة التنفيذية ، ولا يسمح لها بالتالي بممارسة حق الرقابة على التسيير اليومي للجماعة، خارج إطار المجلس التداولي.
5- إن إصلاح القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية مرتبط ارتباطا وثيقا بإخراج ميثاق اللاتركيز إلى الوجود ، وإصدار القانون المتعلق بالولاة والعمال ، واعتماد منظومة متكاملة وحديثة، تمكن الجماعات الترابية من ربح رهان التنمية ورهان التضامن والتناسق والتكامل للرفع من مردودية السياسات العمومية والمحلية.
6- التأخر في الاعلان عن الاجندة الانتخابية ، فأربعة شهور وبضعة أيام تفصلنا عن 12 يونيو 2015 تاريخ انتهاء الفترة الانتدابية الحالية للجماعات الترابية، ولم تصدر بعد القوانين التنظيمية، والمراسيم، المتعلقة بالجماعات الترابية ، وبالجدولة الزمنية الخاصة بكافة الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، مع التذكير بأن كافة النصوص القانونية والمراسيم التطبيقية المتعلقة بالاستحقاقات الانتخابية لسنة 2009 كانت جميعها بعد مشاورات وتوافق وطني قد صدرت بالجريدة الرسمية عدد 5896 بتاريخ فاتح يناير 2009 أي قبل تسعة أشهر من تاريخ 12 يونيو 2009 .
وتأسيسا على ذلك, فالحكومة مطالبة بالتجاوب الإيجابي مع المقترحات، التي من شأنها تقوية قدرات الجماعات الترابية، وجعلها تعتمد الاساليب الاحترافية وتكرس قواعد الحكامة الجيدة والاصلاح المؤسسي العميق. وهي مطالبة أيضا بحماية الإقتراع العام من الغش والتدليس الانتخابي، ووضع حد للخلط وتدمير القيم، والذي تغذيه الأوساط المعادية للديمقراطية، و تغليب المصلحة الوطنية العليا على أي اعتبار حزبي أو سياسي ضيق.
السبت 31 يناير 2015