شيع اول امس السبت في جنازة مهيبةـ الراحل الطيب بن بو عزة الى مثواه الاخير بمقبرة الشهداء بالدار ألبيضاء, وحضرت الجنازة وفود نقابية من مختلف الطيف النقابي والحزبي المغربي تقدمتهم قيادة الكنفدرالية الدمقراطية للشغل و الاتحاد المغربي للشغل بقيادة وأعضاء وحشد من عائلة الفقيد ومناضلين نقابيين من مختلف القطاعات العمالية والوظيفة العمومية.
وكان الراحل أول زعيم نقابي انتخب على رأس مركزية الاتحاد المغربي للشغل إثر تأسيسها, بعدما عمل نقابيا في عهد الاحتلال الفرنسي للمغرب في نقابة السي جي تي التي احتل فيها مكانة بارزة ولعب دورا في الكفاح من اجل الاستقلال وكذا الدفاع عن الوحدة الترابية والترافع من اجل حقوق العمال المغاربة.
وتوفي الراحل قبل ايام خارج المغرب بعد مرض عضال،لم ينفع معه علاج،حيث شغل مهام دبلوماسية كسفير للمملكة في عدد من الدول الاوروبية.
من جهة أخرى وعلى هامش المقالة التي نشرت بجريدتنا في عدد يوم الأربعاء 21 يناير 2015، الخاصة بالحركة النقابية الحرة بالمغرب، وقصة تأسيس المركزية النقابية الإتحاد المغربي للشغل، المتضمن لعدد من المعطيات غير الدقيقة، اتصل بنا الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، من موقعه كقائد مركزي من قادة الحركة الوطنية والحركة النقابية بالمغرب منذ نهاية الأربعينات من القرن الماضي، ليقدم معلومات جديدة هامة تنور الرأي العام الوطني حول شخصية الراحل الطيب بن بوعزة، كواحد من أصلب وأنظف رجالات الحركة الوطنية والحركة النقابية بالمغرب.
هكذا، فبخصوص اختيار الكاتب العام لأول مركزية نقابية بالمغرب، فإن المسؤول عن إسقاط إسم المرحوم الطيب بن بوعزة من منصب الكاتب العام هي اللجنة التنفيذية لحزب الإستقلال حينها، وأنها عينت ضدا على الإرادة العامة للقاعدة النقابية، في عملية غير نظيفة، المرحوم المحجوب بن الصديق. وأن ذلك القرار، الذي خلف أصداء سلبية، هو الذي جعل الملك الوطني محمد الخامس، الذي كان له عطف خاص على المرحوم الطيب بن بوعزة، يقرر تعيينه سفيرا للمغرب بالخارج تكريما له وتقديرا لشخصه وأدواره الوطنية المشهود بها من قبل الجميع. وأنه عمليا اختار البقاء بعد ذلك خارج المغرب بعد أن استقر رفقة عائلته بالسويد إلى أن توفاه الله.
علما أن للرجل مواقف مشهودة في الفعل الوطني، نذكر منها أنه من أوائل من نظموا بمدينة جرادة، حيث كان يعمل بمناجم الفحم الحجري بها، وكذا بمدينة وجدة، مظاهرات حاشدة ضد تأسيس الكيان الإسرائيلي الصهيوني سنة 1947، وكانت تلك هي المظاهرات العمالية والوطنية الوحيدة من نوعها آنذاك بالمغرب. فقررت السلطات الإستعمارية الفرنسية اعتقاله وتقديمه أمام محكمة عسكرية بالدارالبيضاء. واعتبارا لدوره في التنسيق مع العمال النقابيين المغاربة بمناجم الفوسفاط بخريبكة وكذا مع العمال الوطنيين بالدارالبيضاء، ولأن جزءا من عمال خريبكة انخرطوا في الحزب الشيوعي الفرنسي حتى يكتسبوا الصفة النقابية في المركزية النقابية الفرنسية الكونفدرالية العامة للشغل، فإن رئيس المحكمة قد اتهم الطيب بن بوعزة بأنه شيوعي. فانبرى رحمه الله ليطلب الكلمة حيث قال له بصوت عال: “لا سيدي الرئيس، لسنا شيوعيين، نحن وطنيين من حزب الإستقلال” مما أسقط بيد المحكمة, وشكل ذلك حدثا حينها كان له صدى إعلامي ووطني كبير.
مثلما أنه رحمه الله، قد ربط صلات قوية بالشهيد إبراهيم الروداني، الذي كان يقيم فترة معينة في بيته. ومعه ومع ثلة من الوطنيين والنقابيين بالدارالبيضاء لعبوا دورا محوريا في تنظيم قرار الإضراب والتظاهر سنة 1952 بالدارالبيضاء تضامنا مع الشهيد التونسي المغتال فرحات حشاد. وكان له دور محوري في تنظيم الخلايا العمالية، التي بوأته فعليا أن يكون زعيم الحركة النقابية بالمغرب بلا منازع.
* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي
الاثنين 26 يناير 2015