مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 28 يناير 2015
قال تعالى قي سورة الاحزاب متحدثا عن المنافقين والمرجفين ((لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً (*) …))
..الإرجاف: هو الزلزلة والاضطراب الشديد؛ وإشاعة الكذب والباطل…
وعرف القرطبي الارجاف بما عرفه به ابن عباس بقوله : “الإرجاف التماس الفتنة، وقيل: إشاعة الكذب والباطل للاغتمام به، والرجفان الاضطراب الشديد ويراد القول الذي تتحرق به القلوب وتضطرب”…
سنتحدث في هذه المقالة عن المرجفين اعتبارا الى ان بلدنا اصبح مرتعا وفضاءا يعج بهؤلاء الذين اشارت اليهم الاية الكريمة التي افتتحنا بها المقال …
…فالمرجفون يتطاولون ويتدخلون سلبا في امور الدين والسياسة والاقتصاد والمجتمع والاسر والافراد … وهم اشخاص متخصصون في الافتراء والكذب على الله وعلى الرسول وعلى الناس كافة الاحياء والاموات .. وعلى تاريخ وحاضر الشعوب والافراد ولا يسلم حتى المقبل من الايام والسنون من السنتهم واقوالهم .. فهم لايالون جهدا ليتحكموا في كل المجالات ولم لا التلاعب بالوعي العام ومصالح الناس كما يحلوا لهم ..هدفهم نقيض ما يقصدون حيث تتلاقى سياستهم مع سعي الشياطين الذين يزينون للناس السيئ من الاقوال والافعال والمواقف حتى يقحموا الجميع في مهالك تطال دنياهم واخراهم …
ان المرجفين هم من يقوم بنقل الاشياء والوقائع والاحداث بصور يشوبها التزييف والتزوير سواء في كلياتها وتفاصيلها او جزئياتها ..وعملهم ذاك ليس لجهل او عدم فهم بل عن تعمد ينم عن خلل في النفس ورغبة جامحة في الاساءة للاخرين بكل الطرق والوسائل …فيسعون للتشكيك في الاخلاق والقيم والفضائل وكل الاعمال التي تبتغي الاصلاح والصلاح والتغيير للرفع من مستوى الوعي بجعل الشعب وقواه الحية يمتلكون زمام المبادرة في كل امور المجتمع …
وفي هذا السياق سنجدهم متخصصين في صنع الاشاعات وترويج الاكاديب من تلقاء انفسهم او بايحاء من جهة اوجهات لها مصلحة مباشرة او غير مباشرة من “الفعل / الاشاعة” التي قد تروج للاخبار الزائفة كانت سيئة او حسنة فيسيئون الى اعدائهم ولو كانوا صالحين مصلحين ويحسنون بالتجميل والاثراء الى اصدقائهم او حلفائهم او من هم على شاكلتهم بما ليس فيهم …
…واذا ما بحثنا في تاريخ الامم والحضارات بين القبائل او المجتمعات او الدول وحتى بالاسر سنجد ان اغلب الفتن والحروب والصراعات وحتى جرائم الابادة و… سببها ” هؤلاء / المرجفة ” الذين تحدثوا بالاساءات المفبركة عن مريم العذراء وعن عائشة ام المؤمنين كما اساؤوا الى يوسف وموسى وعيسى وخاتم النبيئين عليهم الصلاة والسلام وتطاولوا على الخلفاء الراشدين وكبار الائمة والعلماء ..وتخصص العديد من المرجفين فى طبخ الملفات والايقاع بخيرة الناس تزويرا وبهتانا وكذبا حتى يبنوا عليها احكاما وقرارات استشهد بسببها العشرات ان لم نقل المئات من خيرة الوطنيين التقدميين ببلدنا ومنهم المهدي بنبركة وعمر بنجلون …وزج بالمئات منهم في السجون فمنهم من قضى نحبه بها ومنهم من غادرها وتصالح وتصالحت معه الدولة ومنهم من …
ويبلغ الإرجاف اخطر مستوياته عندما تنعكس نتائجة على الأرض/ الوطن.. او على الارض / العالم ..فبالوطن تتزعزع القيم والمفاهيم وينتشر الياس والاحباط بين العامة ويدفع الناس نحو العزوف عن كل الاعمال العمومية الرسمية والمدنية …ويجر المجتمع نحو متاهات لايعلم بخطورة انعكاساتها ونتائجها المدمرة الا الله والراسخون في علوم السياسة …كما ان ممارسات المرجفين بالعالم تشعل الفتن الداخلية بالدول وتمزقهم اربا اربا يتعقد ويصعب معها امر الجمع والاصلاح بل قد تصل الى تمزيق وحدتها وخلق دويلات لاتسمن ولا تغني من جوع ..او قد تشتعل بسببهم حروب دموية او ازمات اقتصادية وسياسية …
…ولقد تطورت اساليبهم لتاخد طابعا مؤسساتيا بتوظيف القنوات الفضائية من اذاعات وتلفزات وكذا صحف ورقية والكترونية يكون وقودها بطبيعة الحال ومصدرها هو الغقول الفاسدة والالسنة اللئيمة والقلوب الممتلئة غلا وحقدا والانفس “المؤمنة” بسياسة ابليس الذي خاطب رب العزب قائلا ..
(( قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ )) الحجر
واغواء الشيطان لا يتحقق الا بتضليل الناس والتاثير على اهوائهم ليصبح كل ما يصدر عنهم لايرضي الله ورسوله وكذا الضمائر الحية الواعية …
انهم ان كانوا من بين الجنود في حرب ما فانهم قد يتسببون في تكسير شوكتهم وزرع الترويع والرعب في صفوفهم فيسدون خدمة كبرى للاعداء ..
..وان كانوا بين المؤمنين في دور العبادة لمزقوا وحدتهم الروحية ولصنعوا ائمة متعددين يضرب بعضهم بعضا تشكيكا وتكذيبا وتحقيرا وتكفيرا …
…وان كانوا مندسين في الدولة فانهم يزرعون بذور عدم الثقة ويروجون لنظريات التامر والمؤامرة ويبنون جدرانا من الوهم تكرس الفرقة وتشجع على الاضطرابات بزرع الفتن في كل موقع وفضاء يجعل الجميع في حالة استنفار وترقب وخوف وشك .. واحيانا في حالات هجوم متبادل يضيع المكتسبات ويعطل الية ومسارات التنمية بجميع تجلياتها …
انه ومن مصلحة الامة بكل مكوناتها ان كانت مدركة لمصالحها حق الادراك ان تبتعد عنهم وتبعدهم عن التاثير في مصائر الناس افرادا وجماعات ..قال تعالى مخبرا الرسول الكريم والامة الاسلامية في سياقات معنى الاية : {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} التوبة
فبين للمؤمنين ان المصلحة في تخلي المنافقين عن الخروج معهم افضل من مرافقتهم لهم لانهم سيعيثون فسادا ونميمة وإيقاعا بين الناس وسيجدون حتما من يتاثر ويتبنى ترهاتهم ومكائدهم ويتواصل معهم وسيكونون والحالة هاته الى جانب الاعداء اوهم اشد خطرا منهم …
ان من اسباب تخلفنا وانكساراتنا هو ان المرجفة بارعون في التمظهر النفاقي وتقمص الادوار ومعرفة كيفيات التسلق الى بعض مراكز التاثير على القرارات بالبيوت والاسر والقبائل والمجتمعات والمؤسسات والدول ..لا يكتشفون ولايعرف البعض منهم الا بعد ان يطال تخريبهم المعنوي والمادي جوهر الاشياء …فكم من دولة انهارت بسببهم ؟ وكم من نبي طالته مؤامراتهم ودسائسهم ؟ وكم من قيم وافكار نبيلة اقبرت بسببهم ؟
فنسال الله لنا ولكم ان ينير بصائرنا ووعينا حتى نجتنبهم وان يكشفهم للناس حتى يتقوا شرهم وكيدهم …امين