ليس للمسيحي الإفريقي رب نحسده عليه، فهو ، بفقره العميق، يتعرض باسم الله تعالى وباسم النبي الكريم، لحرق كنائسه، ولحد الساعة لا زال مجرد خبر تتداوله القنوات، ولا أحد منا، تساءل :لماذا تحرق الكنائس ويقتل الأفارقة المسيحيون بذنب ارتكبته أقلام رسامين كثيرين منهم لا يفرقون بين ماء الوضوء وماء التعميد، كثيرون منهم بلا ديانة، وربما يحلمون بالغرب المسيحي كما تحلم الأسماك بالطيران.
لا أحد في هذه الأمة الشاسعة غضب، لأن مسلمين يقتلون مسيحيين لا علاقة لهم بشارلي ايبدو ولا علاقة لهم بالرسوم التي أساءت للنبي الكريم.
لم نسمع لحد الساعة لا مؤتمر العلماء المسلمين، ولا منظمة المؤتمر الإسلامي الرسمية، ولا فقهاء ولا علماء في إفريقيا الأرض أو في مشارقها..
لا أحد ، ربما اعتبر أن الأمر منطقي ، ومعقول ولم لا ربما صحيح.
لم نفكر ولو قليلا : لماذا يؤدي فقير في إفريقيا ثمن الخطأ الذي يقترفه رسام كاريكاتور أو مؤسسة صحفية في الغرب الغني؟
والحق أن النبي ما كان له ليختار سوى الفقير الإفريقي الذي لا دنب له، ولا علم له بالمرة بجريدة اسمها شارلي إيبدو.
في حقيقة الأمر، عندما خرجنا للتنديد بما مسنا من سوء في نبينا الكريم، كنا ندافع عن حقنا في الإيمان ، ولكن عندما سكتنا عن مقتل القساوسة والرهبان في إفريقيا ، كنا كمن يبرر ما فعله القتلة في فرنسا.
إن لسان حالنا واضح لا غبار عليه، سننسى الذين قتلوا ونغفر لهم لأنهم قتلوا باسمنا.
لحد الساعة لم نقل ما كان النبي الكريم عند استقبال نصارى نجران يقوله، ومنهم قسيسين رهبانا أو ما قاله القرآن الكريم ««ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى».
كأنما الله تعالى ورسوله الكريم لم يحبا أبدا المسيحيين.
سنقول للتبرير: كانوا غاضبين، كما لو أن النبي الكريم لم يقل» ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب»،
سنقول كانوا غاضبين، ونطبطب على ما تبقى من جثمانهم في خيالنا الجريح، وننسى أنهم قتلوا قبل المسحيين الأفارقة مسيحيين في العراق وفي مصر وفي سوريا..
يريد المسلمون، الذي يسعون إلى التحكم السياسي في عاطفة إخوانهم المسلمين، تعطيل العقل، العقل الذي ذكر في القرآن 49 مرة، الذي يميز بين العاطفة وبين الاستعمال السياسوي لها، وبين القتل وبين الجهالة، بين الإيمان وبين التعصب..
العقل الذي نتفكر به القرءان يقول لنا بأن المسيح ذكر 11 مرة، وعيىسى ذكر 25 ، وأن النبي الكريم الذي نرجى شفاعته في العقل قبل الآخرة ذكر 4 مرات فقط.
يا لعظمة النبي، ومن أوحي للنبي وما أوحي للنبي..
نحن نقتل باسم النبي، كما لو أننا بالفعل نستحقه، بسلوكنا وبآلاعبينا وتحكيم الغريزة البدائية الدموية فينا.
الله سبحانه وتعالي واضح كلامه، وواضح نوره،
إنما يخشى الله من عباده العلماء، ولو شاء أن يكرمنا اليوم لكان عز وعلا قد أنزل على عبده « إنما يخشى الله من عباده البلداء.» سبحانه رب العزة عم يصفون، ورنا لا تؤاخذنا إن أخطأنا أو نسينا.
آهذا ما تريدون: أن يحرف الله عز وتعالى قرآنه لكي تستريحوا في بلادتكم القاتلة؟
علينا أن نفكر بنقد ذاتي كما يحاسب العقل الأوروبي نفسه الآن، ففي كل القنوات والجرائد، (لوموند عدد أول أمس كمثال ، وليبراسيون في اليوم السابق) نقاش حول طبيعة ما يجري، وحول الحرب ضد الإرهاب والخلط مع الإسلام ..الخ الخ.
لم يعف العقل الأوروبي اللاذكي والمتشكك دوما نفسه من التفكير الذي ينقض به نفسه أو، يقوض به مسلماته، لكننا نحن الذي رفع كتابنا العقل إلى أعلى عليين، نغفر للقتلة باسم الغضب وباسم العاطفة.
وآخر كلامنا ما جاء في البردة»:
مولاي صل وسلم دائما وأبدا على نبيك خير الخلق كلهم.

* عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

21 يناير 2015

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…