الدكتورة أمينة المسعودي عن جريدة الاتحاد الاشتراكي 13/14ابريل 2013 حسب قاموس المصطلحات السياسية، يعرف الحكم الذاتي كآلية لتنظيم بعض المناطق أو الجهات، إداريا من خلال إحداث مؤسسات سياسية خاصة تحت سلطة الوصاية التي تحتفظ بها الدولة المركزية ( 1978 ,Dalloz ). أما حسب معجم «لاغوس» فالحكم الذاتي لإقليم معين أو لمجموعة معينة يعني تدبيرهذه الأخيرة لشؤونها بشكل مستقل وذلك باحتكامها لقوانين خاصة بها، وذلك داخل مجال تنظيمي اكبر تعهد فيه سلطة التوجيه للسلطات المركزية حسب أنظمة خاصة (Larousse ص 1990.134).
يمكن تفسير تقديم مشروع الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية من خلال معطيين متكاملين: الأول يحيل إلى الإشارة القوية التي حملها المشروع بوضع نهاية للمرحلة التي هيمن فيها مبدأ « تقريرالمصير يساوي الاستقلال « والانتقال بذلك إلى تقرير مصير بشكل ديمقراطي ( الوالي 2008، ص.14) ؛ بينما يتعلق المعطى الثاني بتقديم المشروع كاستمرار للاوراش الإصلاحية الكبرى التي نهجها المغرب منذ عقود والتي فتحت آفاقا سياسية جديدة تهم جهات المغرب كما تسائل الدول المجاورة له ، فاتحة نداء الانخراط في مسار ديمقراطية كنفدرالية ( الشرقاوي 2007، ص 4 ) . قضية الصحراء: بعد أن كانت قضية أو مسألة الصحراء المغربية تدبر من طرف السلطات العليا بمقاربة يغلب عليها طابع السرية المعتمد من طرف بعض الفاعلين الديبلوماسيين، خضعت القضية الوطنية الأولى، منذ تولي الملك محمد السادس الحكم، لمقاربة تشاركية جديدة. فقد انفتحت السلطات العليا، بخصوص موضوع الصحراء المغربية، على الأحزاب السياسية بكل تياراتها، حيث ساهمت هذه الأخيرة وسايرت المشروع المقترح، وذلك بتقديم مقترحات عن التصورات الممكنة لمنح الأقاليم الصحراوية حكما ذاتيا مستعينين في ذلك بالتجارب المقارنة، كما شكل الوضع المقترح للأقاليم الجنوبية، فضلا عن ذلك، موضوعا عموميا يُناقش في الندوات والأيام الدراسية المنظمة من طرف مختلف الفاعلين، سياسيين وأكاديميين وغيرهم. كما لم يظل الجانب الإعلامي بعيدا عن الموضوع، بل ساهم بدوره بإجراء تغطيات واسعة للأنشطة الرسمية الديبلوماسية من جهة، وبالأنشطة الحزبية وغير الحزبية والأكاديمية من جهة أخرى. وبهذا أصبحت المكتبات تتوفر على مراجع تغطي كل المجالات والأسئلة المرتبطة بالموضوع وخاصة المعطيات المرتبطة بالأقاليم الصحراوية وعلاقتها بالسلطة المركزية عبر التاريخ دون إغفال الجانب الدولي للقضية (8). الأحزاب السياسية لقد ساهمت الأحزاب السياسية، بجميع تياراتها، في إغناء النقاش حول موضوع مشروع الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية. فداخل أحزاب الأغلبية آنذاك، تقدمت أحزاب الكتلة الديمقراطية بمقترح جماعي مطالبة الأخذ بعين الاعتبار المكتسبات التي راكمها المغرب في مجال اللامركزية وذلك بتخويل الأقاليم الصحراوية صلاحيات واسعة مع التأكيد على احتفاظ السلطة المركزية بالصلاحيات المرتبطة بالسيادة كالدفاع الوطني والوحدة النقدية والتمثيل الدبلوماسي (9).كما طالبت أحزاب المعارضة في نفس الفترة، وخاصة حزب العدالة والتنمية، بجهوية موسعة ومتقدمة, حيث اعتبر هذا النوع من الجهوية حلا وحيدا لتحقيق ديمقراطية محلية تساهم في إنجاح الانتقال الديموقراطي (10). كما طالب نفس الحزب بتخويل الأقاليم الصحراوية صلاحيات خاصة بها تمارس من خلال مؤسسات محلية: برلمان وحكومة. الكوركاس ومشروع الحكم الذاتي في 25 مارس من سنة 2006، أعلن الملك محمد السادس عن إصلاح هيكلي للمجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية وذلك بعد مرور 23 سنة على تأسيسه سنة 1982 من طرف الملك الحسن الثاني، حيث كان المجلس المذكور يتكون من عناصر منتخبة من طرف القبائل الصحراوية. إن المؤسسة الجديدة التي أطلق عليها اسم المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية (الكوركاس) يتكون من 141 عضوا يعينون من طرف الملك. وقد برزت المبادئ الأساسية الموجهة لعمل الكوركاس في الخطاب الملكي بمناسبة تأسيس المجلس يوم 25 مارس 2006، « و حرصاً منا على تمكين المجلس من المصداقية والفعالية والتمثيلية، فقد سهرنا على تشكيله من أعيان القبائل والمنتخبين، المشهود لهم بالوطنية الصادقة وحصافة الرأي. كما عملنا على أن يكون المجلس منفتحا على فعاليات المجتمع المدني، والقوى الحية، الواعدة بالعطاء والإنتاج، وخاصة منهم النساء والشباب، الذين هم محل رعايتنا السامية». وحيث تبين أن « قيم الوطنية والوفاء للقيم المقدسة تشكل امثل انشغال لإخوانكم وهم يدافعون عن القضية الوطنية لدى المنظمات وباقي الهيآت الدولية وذلك بغية إظهار الطابع العادل لقضية وحدتنا الترابية». صحيح أن التجارب المعمول بها دوليا في مجال الحكم الذاتي لا تترجم نموذجا واحدا وموحدا لمضمون وحجم الحكم الذاتي, حيث يتغير الحال من تجربة إلى أخرى عملا بالمعطيات التاريخية والترابية والسياسية لكل بلد (18) لكن هذا لا يمنع من الإقرار بوجود معايير مشتركة بين جميع التجارب المذكورة في مجال الحكم الذاتي والتي تتوزع بالأساس حول توزيع السلط بين الدولة والجهات أو المناطق المتمتعة بالحكم الذاتي. وعليه فهناك هدفان أساسيان يؤسسان لكل الأنظمة الأساسية للحكم الذاتي عبر العالم، تتجلى أولا في التدبير الذاتي للشؤون الجهوية بواسطة أجهزة ومؤسسات محلية خاصة الأجهزة المحلية التشريعية، التنفيذية والقضائية التي ييسند إليها بممارسة صلاحيات مع التوفر على موارد مالية ضرورية. بينما يرتكز الهدف أو المبدأ الثاني على حفظ وحدة الدولة من خلال احتفاظها ببعض الصلاحيات الخاصة في بعض المجالات وفي وظيفة الرقابة المعهود بها لجهاز قضائي ثم من خلال تمثيل الدولة بجهة الحكم الذاتي. |
||
4/13/2013 |
الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 49 للمسيرة الخضراء .
النص الكامل للخطاب الملكي السامي : “الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله …